"لقد استولوا على منزلي ومعصرة الزيتون وجميع أملاكي، والآن أصبحت نازحاً احتمي بهذه الخيمة".
بهذه الجملة يعبّر المواطن الإيزيدي عبدو حمو خلو 68 عاماً والذي ينحدر من قرية كفرزيت بريف عفرين عن مأساته وهو جالسٌ أمام خيمته في مخيم "سردم" في مناطق النزوح القسري لمهجري منطقة عفرين.
يسرد خلو لحظات نزوحهم جراء القصف الذي تعرضت له القرية من قبل تركيا وفصائل المعارضة المسلحة قائلاً:" تركت كل شيء ورائي؛ ثلاثة منازل بما فيها من مستلزمات وأغراض، خمس سيارات بين صغيرة وكبيرة "شاحنة قاطرة مقطورة"، ومعصرة الزيتون، لأن الفصائل والجيش التركي اقتربت من القرية".
لا يتوقف خلو عن ذكر تفاصيل منازله وقريته فيسرد قائلاً: "عندما دخلوا قريتنا، استولوا قبل كل شيء على منزلي وجعلوه مقراً لقيادة فصيل "الحمزة"، واستولوا على معصرتي أيضاً، كنت أملك ثلاثة منازل وخمسة عشرة آلية ووسيلة نقل بين سيارة وجرار وآلات زراعية وقاطرة ومعصرة زيتون، والآن أعيش في خيمة لا تحمينا من حرّ الصيف ولا من برد الشتاء".
أمل العودة
يأمل خلو بشكل دائم أن يعود إلى قريته رغم مرور ثلاثة سنوات على تهجيره، فيقول: "عمري يقارب السبعين عاماً، ولا أستطيع نسيان القرية، كلي أمل بالعودة وكل تفكيري وهواجسي عن موعد العودة، رغم أني أعرف جيداً أن الدول الكبرى لا تراعي إلا مصالحها، ولا تفكر بالإنسانية وبالمحصلة نحن من يدفع الثمن".
يتساءل خلو ممتعضاً: "ماذا تريد تركيا منا، ماذا فعلنا لهم، احتلوا لواء اسكندرون سنة 1938 ولم يُطلق عليهم حتى الآن طلقة واحدة، والآن احتلوا عفرين وسري كانيه/ رأس العين، وكري سبي/ تل أبيض أيضاً، لا نستطيع النوم بسبب تهديداتها المستمرة لتل رفعت ومناطق الشهباء، وجل تفكيري إن هجمت تركيا فإلى أين سننزح هذه المرة".
الخوف من المجهول
يوضح خلو أن فصيل الحمزات المسيطر على قرية كفرزيت والذي يتخذ من منزله مقراً لهم، تواصلوا معه عبر الهاتف بغية إقناعه بالعودة إلى القرية، إلاّ أنه رفض ذلك خشية من انتقام العناصر منه بحكم أنه إيزيدي، وهنا يقول: "خفت على شرفي وكرامتي، فالأموال تذهب وتعود، يكفيني إني هنا أحافظ على عائلتي وكرامتي".
الانتهاكات بحق الإيزيديين
فيما يتعلق بالوجود الإيزيدي في عفرين، يقول خلو: "هناك حوالي /25/ قرية إيزيدية في عفرين، ويوجد عدة مزارات مقدسة في قرى فاقيرا/ فاقيران، قيباره/الهوى، بافليون وباصوفان، وتم تدمير جميعها بحجة أنها للكفار، كما يتم إهانة الإيزيديين وتعذيبهم بغية الحصول على فديات مالية من ذويه"، ويعلق خلو مبتسماً "لو بقينا هناك لكنا ميتين منذ زمن بعيد".
يستطرد خلو: "الإيزيديين يتعرضون لمضايقات كثيرة"، مستذكراً الشابة كولة من قرية برجه/ برج عبدالو التي اعتقلتها الفصائل المسلحة بشكل تعسفي واقتادوها إلى جهة مجهولة، مردفاً: "حالات الاعتقالات التعسفية كثيرة؛ لا تعد ولا تحصى".
الطقوس الدينية
يستذكر خلو الأيام الخوالي قائلاً: "لدينا عدة مناسبات مقدسة كرأس السنة الإيزيدية "جارشامي نيسانه" كان الإيزيديون يجتمعون من عدة قرى في قرية فاقيرا/ فاقيران أو قستاله/ قسطل جندو في كل عام، ويذبحون القرابين ويحتفلون، أما هنا في المخيم فقد أمضينا العيد في الخيمة ولم نتخلى عن تراثنا وديننا".
يؤكد خلو أن إدارة المخيم تقوم بتأمين كل مستلزماتهم واحتياجاتهم، إلاّ أن المنظمات الدولية لا تقدم لهم شيء، لذلك فوضعهم يبقى سيئاً، ويختتم حديثه قائلاً: "كنا نقدم القرابين سابقاً أما الآن لا نستطيع ذبح دجاجة كقربان".
التعليقات