فادي الأسمر-إدلب/ ايزدينا
زادت "هيئة تحرير الشام" ( جبهة النصرة سابقاً) مؤخراً، الرسوم والضرائب التي تفرضها على التجار الذين يقومون بإدخال المواد التجارية والغذائية من مناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة الموالية لقوات الاحتلال التركي عبر المعابر الحدودية بينهما، ما تسبب بحالة استياء عامة بين التجار بسبب التضييق عليهم، وانعكس ذلك على ارتفاع أسعار المواد في منطقة إدلب وريفها بشكل عام.
وتسيطر "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) على المعابر التي تفصل بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة الفصائل المسلحة الموالية لقوات الاحتلال التركي في ريف حلب الشمالي، ومن أهم هذه المعابر هما معبري "الغزاوية" و"دير بلوط"، حيث تفرض الهيئة رسوماً مالية على جميع السيارات المحملة بمواد تجارية والتي تدخل إلى مناطق إدلب وريفها.
وأفاد فارس عثمان، (وهو أسم مستعار لأحد تجار المواد الغذائية في إدلب) لموقع ايزدينا، أن "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، زادت الضريبة المالية المفروضة على العديد من أنواع السلع الغذائية التي يقوم التجار بإدخالها إلى مناطق إدلب وريفها بعد شحنها من مناطق سيطرة الفصائل الموالية لقوات الاحتلال التركي.
وأضاف عثمان أن الضرائب والرسوم ارتفعت على مواد "السكر والزيت النباتي وزيت الزيتون والأرز والشاي"، والعديد من أنواع السلع الأخرى التي يتم استيرادها من تركيا إلى مناطق الشمال السوري.
وأوضح عثمان أن الضريبة الجديدة التي فرضتها "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) وصلت إلى 30 دولاراً أمريكياً عن كل طن من هذه المواد، بعد أن كانت تتراوح بين 10 إلى 20 دولار فقط.
تراجع الحركة التجارية
وأشار عثمان أن الهيئة فرضت إجراءات معقدة يجب الالتزام بها من قبل التجار، ما تسبب بتراجع ملحوظ في الحركة التجارية لعدم قدرة التجار على دفع هذه الضرائب التي يشبهونها بضرائب تفرض على السلع المستوردة من دولة أخرى.
ولفت عثمان أن المعابر شهدت مؤخراً مشادات كلامية بين العديد من التجار حيث عبروا عن رفضهم لهذه الضرائب، ولكن الهيئة لم تنظر في موضوع مطالب التجار بتخفيض الضرائب والتي تسميها الهيئة بالرسوم حتى الآن.
بدوره يقول معتصم الخالد ( وهو اسم مستعار لتاجر زيوت من منطقة دير حسان في ريف إدلب الشمالي)، إنه تفاجأ برفع هذه الضرائب التي لم يعد بإمكانهم دفعها، مشيراً إلى أنه يعمل منذ أكثر من عامين في مجال استيراد الزيوت "زيت الزيتون والزيت النباتي وغيرها" من مناطق ريف حلب الشمالي إلى إدلب، حيث كانت الضريبة في مطلع عام 2020 تقدر بنحو 6 دولارات أمريكية عن كل طن، ثم بدأت ترتفع بشكل تصاعدي.
ويضيف الخالد أن الضريبة وصلت حالياً إلى 30 دولاراً أمريكياً؛ الأمر الذي يعني أن الشحنة الواحدة من الزيت ستكلفه أكثر من 3500 دولاراً أمريكياً كضرائب، واصفاً المبلغ بـ "الكبير جداً".
زيادة الضرائب تنعكس سلباً على المدنيين
ويشير الخالد أنه لا يمكن تعويض ارتفاع الضرائب والرسوم إلا عبر رفع سعر بيع الزيت في إدلب، لافتاً إلى أن ذلك سينعكس سلباً على تجارته وتراجع الإقبال على الشراء منه من قبل أصحاب المحلات.
ويوضح الخالد أنه شرح الموضوع للمسؤولين في "حكومة الإنقاذ" خلال اجتماع عقد قبل عدة أيام، لكن لم يتم وضع حل لهذه المشكلة حتى الآن.
وقرر الخالد التوقف عن العمل إلى حين تخفيض الضرائب المفروضة على الحركة التجارية بين مناطق ريف حلب الشمالي ومناطق إدلب وريفها.
ويذكر الخالد أن التجار يواجهون صعوبات بالغة أثناء عملهم، بسبب اختلاف القوانين والإجراءات المتعلقة بالحركة التجارية في المعابر بين "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) من جهة، وفصائل المعارضة الموالية لقوات الاحتلال التركي من جهة أخرى.
من جهته يقول الناشط الصحفي أحمد تلاوي لموقع ايزدينا، إن "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) تحاول منذ أكثر من ثلاث سنوات الاستفادة من جميع الموارد المالية ضمن مناطق سيطرتها، في إطار سعيها لكسب المزيد من الأموال ووضعها في مشاريع استثمارية خاصة لتضمن استمرارية دعم نفسها بنفسها.
ويضيف تلاوي أن المعابر التي تفصل مناطق الهيئة عن مناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا ومناطق سيطرة النظام وحتى معبر "باب الهوى" الحدودي مع تركيا، تعتبر مصادر تمويل كبيرة للهيئة، حيث تدر عليها تلك المعابر عشرات الآلاف من الدولارات يومياً.
الهدف من تضييق الهيئة على التجار
ويشير تلاوي أن موضوع التضييق على التجار يعود لمحاولة الهيئة إجبار التجار على التعامل مع الشركات الخاصة التابعة للهيئة في المنطقة، بهدف دعم خزينتها المالية.
وينوه تلاوي إلى أن "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بدأت مؤخراً الاستفادة من حركة التهريب إلى تركيا، حيث تفرض كل شخص يريد النزوح والهجرة إلى تركيا دفع مبلغ 50 دولار أمريكي، إضافة لفرضها إتاوات على المدنيين الهاربين من مناطق سيطرة النظام السوري باتجاه إدلب، حيث تفرض عليهم دفع مبلغ يقدر بـ 150 دولار أمريكي.
ويقول تلاوي إن الهيئة لا تترك نافذة إلا وتحاول من خلالها كسب المزيد من الأموال على حساب المدنيين.
ويضيف تلاوي أن على جميع التجار الذين يقومون بإدخال المواد التجارية من معابر "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) ومعابر الفصائل الموالية لتركيا، رفض هذه الضرائب المرتفعة، لأن الهيئة سترضخ للتجار في حال إضرابهم عن العمل وستقبل بما كانت تأخذه كضرائب في السابق.
معاناة المدنيين من الظروف الاقتصادية
ويشير تلاوي أن المدنيين الذين يعيشون ضمن مناطق سيطرة الهيئة والذين يبلغ عددهم قرابة 4 مليون شخص، يعانون من ظروف اقتصادية صعبة وخاصة ممن يقطنون مخيمات النزوح.
يذكر أن المعابر التجارية والمدنية والعسكرية تنتشر على طول خطوط التماس بين مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) والفصائل الموالية لقوات الاحتلال التركي، حيث تشرف عليها من الجانب المقابل فصائل مختلفة مثل "الجبهة الشامية" و" لواء السلطان مراد" وفرقة السلطان سليمان شاه" و" فيلق الشام"، حيث تشهد هذه المعابر حركة تجارية وانتقال للمدنيين بشكل دائم.
بينما تتفرد من جهتها "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بالسيطرة على مناطق واسعة في إدلب وريفها وتتحكم بجميع المعابر الحدودية وتفرض الضرائب على المنظمات والتجار، وتتمركز في مناطقها بعض الفصائل الموالية لها مثل "الجبهة الوطنية للتحرير" و"الحزب الإسلامي التركستاني" وغيرها، ولكن الهيئة هي التي بجميع مناحي الحياة ولاسيما الاقتصادية، حيث تملك أذرع اقتصادية مثل شركة "وتد للبترول" ومشاريع استثمارية أخرى، كما بدأت مؤخراً بإحداث مدينة صناعية في منطقة "باب الهوى" في ريف إدلب الشمالي.
التعليقات