أحد اسواق إدلب- مصدر الصورة: عنب بلدي
ليث المحمد- إدلب/ ايزدينا
ارتفعت أسعار المواد الأساسية في إدلب منذ مطلع العام الجاري 2021 بشكل ملحوظ، حيث شمل الارتفاع جميع أسعار المواد الغذائية والتموينية وأسعار المحروقات والأدوية إضافة لأسعار الخدمات والمواصلات وغيرها.
ويقدر مختصون في الاقتصاد بإدلب أن نسبة ارتفاع الأسعار بـ 40 بالمئة مقارنة مع العام الفائت 2020، وتتعدد وتختلف أسباب هذا الارتفاع، الذي يزيد من أعباء مواطني وسكان مدينة إدلب وريفها الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام" وحكومة "الإنقاذ".
وعادت الأسعار للارتفاع مرة أخرى وبنسبة أكبر وصلت إلى 50 بالمئة خلال شهر مضان، حيث تزداد خلال هذا الشهر من كل عام حاجة العائلات إلى شراء المواد الغذائية.
يقول حسن الخالد (وهو اسم مستعار لنازح من ريف حماة الشمالي ويقيم في مخيمات دير حسان بريف إدلب الشمالي) لموقع ايزدينا، إنه يعاني منذ بداية وجوده في المنطقة من ظروف معيشية قاسية نتيجة شح الدعم وغلاء الأسعار وانعدام فرص العمل.
ويضيف الخالد الذي يعيل عائلة تتكون من 6 أفراد، أنه عانى جداً خلال الفترة الأخيرة من الارتفاع الكبير الذي طرأ على جميع أصناف المواد الغذائية، حيث أصبح يكتفي بشراء أرخص أنواع الخضار لتحضير وجبات الإفطار خلال شهر رمضان، مشيراً إلى أنه رغم محاولته تخفيف العبء على نفسه، لكن بقي يدفع مبلغ يصل إلى /30/ ليرة تركية لتحضير وجبة إفطار واحدة لعائلته.
ويشير الخالد أن متوسط تكلفة الوجبة الواحدة التي تتضمن الخضار وبعض أنواع المواد الغذائية لعائلة مكونة من /6/ أفراد، تتراوح بين 40 و60 ليرة تركية في مناطق إدلب وريفها، أما الوجبة الواحدة التي تتضمن لحوم فتكلف بين 100 و150 ليرة تركية، لافتاً إلى أن اللحوم باتت مجرد حلم للكثير من العائلات بعد ارتفاع الأسعار.
وينوه الخالد إلى جشع الكثير من التجار الذين لا يفوتون أي فرصة لزيادة أرباحهم، وذلك على حساب العائلات الفقيرة سواء أكانت في المخيمات أو خارجها.
حلويات العيد أصبحت من الماضي
من جهتها اعتادت رقية عبد الرحمن ( وهو اسم مستعار لسيدة من مدينة سلقين في ريف إدلب الشمالي) على تحضير العديد من أنواع الحلويات بعد انتهاء شهر رمضان وقدوم عيد الفطر في كل عام.
تقول عبد الرحمن إنها كانت تقوم بتحضير أصناف حلويات متعارف عليها في سوريا خلال الأعياد وهي "الكعك، المعمول، المهلبية، القطايف، السمبوسك وغيرها"، ولكنها لم تستطع تحضير هذه الحلويات خلال هذا العيد بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية.
وتضيف عبد الرحمن أن جميع الأسعار ارتفعت بما في ذلك أسعار المواد الأساسية لتحضير حلويات العيد، حيث أن سعر كيلو الطحين ارتفع لـ 5 ليرات تركية، وسعر كيلو السكر لـ 9 ليرات تركية، وسعر كيلو السميد إلى 15 ليرة تركية، أما كيلو المكسرات فأصبح بـ 60 ليرة تركي، أي لم تعد قادرة على شراء هذه المواد بكميات كافية لتحضير حلويات العيد.
وتشير عيد الرحمن أن أسعار المواد ارتفعت أكثر من الضعف مقارنة بالفترة السابقة، الأمر الذي أجبرها على الابتعاد عن شراء بعض أنواع الخضار مرتفعة السعر، إضافة للابتعاد عن شراء الفواكه واللحوم والحلويات، لافتة إلى أنه ورغم ذلك يعانون من أزمة لأن راتب زوجها العامل في مغسلة السيارات لا يكفيهم.
أسباب ارتفاع الأسعار
وتتعدد أسباب ارتفاع الأسعار في مناطق إدلب وريفها، بحسب لؤي القاسم ( وهو اسم مستعار لصحفي من ريف إدلب الجنوبي ويقيم في مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي) الذي يقول، إن أهم الأسباب هو استبدال الليرة السورية بالتركية في التعاملات، والذي ساهم في رفع الأسعار بشكل كبير بسبب عدم استقرار الليرة التركية مقابل الدولار، إضافة لانقطاع شبه تام للتبادل التجاري مع مناطق سيطرة النظام ومناطق قوات سوريا الديمقراطية.
ويضيف القاسم أن السبب الآخر هو احتكار المواد عند نفاد كميتها من قبل التجار الذين يسيطرون على الأسواق في إدلب وريفها، سواء أكانوا "تجار جملة" أو تجار يبيعون للمستهلك، وخصوصاً تجار المحروقات.
ويشير القاسم أن الأسعار ترتفع بشكل كبير عند انخفاض قيمة الليرة التركية، ولكن بعد عودة قيمتها السابقة مقابل الدولار لا يتم تخفيض الأسعار من قبل التجار بحجة شراءهم للمواد بسعر مرتفع.
وينوه القاسم أن الضرائب المفروضة على التجار من قبل "هيئة تحرير الشام" تعتبر من بين أسباب ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن ارتفاع الأسعار بشكل كبير خلال شهر رمضان سببه استغلال التجار لحاجة السكان للمواد الغذائية، في ظل زيادة الطلب على جميع أصناف تلك المواد من الخضار واللحوم والفواكه وغيرها.
ويوضح القاسم أن هذا الارتفاع تسبب بخلق أزمة مالية لدى الكثير من العائلات في إدلب وريفها، وخاصة في مخيمات النزوح حيث تضاعفت معاناة قاطنيها بسبب "الغلاء الفاحش"، وتراجع القدرة الشرائية، والركود شبه الكامل في معظم المخيمات، حيث يعتبر معظم ساكنيها من العائلات الفقيرة جداً.
رأي التجار
أما التجار وأصحاب المحال التجارية في إدلب وريفها، فلديهم رأي مختلف، حيث يقول إبراهيم العباس (وهو اسم مستعار لصاحب سوبرماركت في إدلب)، إن الأسعار تعتبر طبيعية مقارنة بالتكاليف التي يتحملها التاجر للحصول على البضائع، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وارتفاع أسعار المنتجات الغذائية المستوردة من تركيا، وتكاليف التحميل وأجار العمال، فضلاً عن الإتاوات والضرائب التي تفرض من قبل الفصائل العسكرية.
ويضيف العباس أنه من الإجحاف لوم التجار على تردي الأوضاع المعيشية، مشيراً إلى أن الحواجز التابعة للجهات المسؤولة في المنطقة هي من تتحمل ذلك.
وبلغت أسعار بعض المواد الغذائية والتموينية والمحروقات والخدمات منتصف شهر أيار/ مايو الجاري في إدلب بالليرة التركية، كالتالي: "أسطوانة الغاز 90 ليرة، ليتر البنزين 6.28 ليرات، ليتر المازوت 6.3 ليرات"، "كيلو الباذنجان7 ليرات، كيلو البندورة 8 ليرات، كيلو البطاطا 3 ليرات، كيلو الخيار 4 ليرات، كيلو الكوسا 5 ليرات، كيلو البصل 3 ليرات، كيلو الفجل 3 ليرات، باقة النعنع ليرة واحدة، باقة البقدونس ليرة واحدة، كيلو السبانخ 8 ليرات، كيلو الملفوف 5 ليرات كيلو الفليفلة 6 ليرات"، "كيلو السكر 10 ليرات، كيلو الشاي 40 ليرة، كيلو الرز 5 ليرات، ليتر الزيت النباتي 14 ليرة، كيلو اللبن 9 ليرات، كيلو لحم الغنم 80 ليرة، كيلو لحم فروج 40 ليرة، اشتراك كهرباء المولدات 40 ليرة، اشتراك الكهرباء التركية 150 ليرة، اشتراك شبكات الانترنت المحلية 50 ليرة، صهريج مياه الشرب 20 برميل 40 ليرة".
يذكر أن زيادة الأسعار تزيد من معاناة العائلات التي تقع تحت خطر الفقر في مناطق إدلب وريفها، في ظل شح الدعم المقدم من المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري.
التعليقات