نقطة عسكرية لقوات الاحتلال التركي في قرية الكفير-فريش أونلاين
ليث المحمد- إدلب/ ايزدينا
لا يختلف واقع الكرد في مناطق إدلب وريفها الواقعة تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام" عن حال باقي الأقليات فيها، من مسيحيين ودروز، حيث يعاني الكرد في هذه المناطق من أوضاع معيشية متردية، وتهميش إعلامي، وغياب شبه تام للخدمات وشح الدعم الإغاثي، إضافة للتمييز العنصري الذي تعاملهم به "هيئة تحرير الشام".
يقول سليمان العبود ( وهو اسم مستعار لصحفي مقيم في ريف إدلب الغربي) لموقع ايزدينا إن تواجد أبناء المكون الكردي في منطقة إدلب، ينحصر بشكل أساسي بريف إدلب الغربي؛ في قرية الكفير( 45 كم) غرب إدلب وبعض القرى الصغيرة المجاورة لها.
ويضيف العبود أن تعداد الكرد في هذه القرى يبلغ نحو أربعة آلاف عائلة تقريباً، مشيراً إلى أن الجد الأول للكرد في ريف إدلب الغربي وقرية الكفير بشكل خاص، يعود أصله لمنطقة "جبل الأكراد" في ريف اللاذقية، والذي انتقل منذ مئات السنين للعيش في هذه المنطقة، بحسب ما نقله عن بعض كبار السن من الكرد في المنطقة.
ويتابع العبود أن الواقع المعيشي للكرد في ريف إدلب متردي بشكل كبير، حيث يعتمد غالبيتهم على الزراعة كمصدر دخل أساسي لهم؛ مثل الزراعة البعلية وزراعة أشجار الزيتون والتين.
ويشير العبود إلى التعتيم الإعلامي على واقع الكرد في المنطقة وتهميش المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري لهم، فقرية "الكفير" لا يوجد فيها أي منشأة طبية أو خدمية، وتتبع القرية إدارياً لمجلس جسر الشغور المحلي التابع "لحكومة الإنقاذ" والذي لا يقدم الخدمات بشكل كافي للقرية، حيث يضطر المرضى من سكان القرية لقطع مسافات طويلة بحثاً عن مراكز صحية ومشافي لتلقي الخدمات الطبية.
ويضيف العبود أن تردي خدمات الصرف الصحي والطرقات والنظافة وغيرها، ساهم في الآونة الأخيرة بتفشي العديد من الأمراض الجلدية والتنفسية، بسبب تصدع أنابيب الصرف الصحي وانتشار القمامة، فضلاً عن عدم وجود طرقات معبدة في المنطقة.
ويؤكد العبود أن المساعدات الإغاثية للكرد في قرية الكفير ومحيطها تكاد تكون معدومة، حيث لم يتم تقديم أي سلل إغاثية للقرية منذ أكثر من ثلاث سنوات، كما تعاني قرى الكرد من شح المياه الصالحة للشرب، بسبب توقف المضخات عن العمل منذ نحو خمسة سنوات جراء القصف الذي تعرضت له المنطقة من قبل الطيران الحربي والمروحي التابع للنظام السوري وروسيا.
ويتابع العبود أن الواقع التعليمي متردي كثيراً، فداخل قرية الكفير توجد مدرسة واحدة تعاني من نقص كبير في مستلزمات التعليم من قرطاسية وألواح، فضلاً عن حاجتها للترميم من جديد، ويعمل كادرها بشكل تطوعي ولا يوجد هناك أي منظمة تدعمها، فيما قام الجيش التركي باتخاذ المدرسة الثانية الموجودة في القرية كثكنة عسكرية لهم أثناء احتلال المنطقة.
بدوره يقول مؤيد الحسن ( وهو اسم مستعار لأحد سكان قرية الكفير في ريف إدلب الغربي ) إن الكرد في ريف إدلب الغربي كان لهم دوراً بارزاً في احتضان مئات العائلات النازحة حيث استقبلوهم في منازلهم دون مقابل، رغم أوضاعهم المعيشية الصعبة.
ويضيف الحسن أن الكرد هم الأكثر تهميشاً في ريف إدلب الخاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام"، ويعانون من تضييق الخناق عليهم بسبب أصولهم العرقية.
ويشير الحسن إلى الوضع الاقتصادي المتردي للكرد في ريف إدلب الغربي حيث يعتمد أغلبهم على زراعة أشجار الزيتون كمصدر دخل لهم، لكن هذه الزراعة تراجعت خلال السنوات القليلة الماضية بسبب شح الأمطار وانتشار الآفات الزراعية، وتحمل المزارعين أعباء ارتفاع مستلزمات الزراعة من المحروقات وأجرة العمال، اضافة لفرض إتاوات على المزارعين من قبل "هيئة تحرير الشام" بحجة "الزكاة" علماً أنها تذهب لجيوب القادة العسكريين.
ويتابع الحسن أن العلاقات الاجتماعية للكرد في ريف إدلب الغربي جيدة مع أبناء المكون العربي في القرى المجاورة، لكن هيمنة الجماعات المتشددة مثل "هيئة تحرير الشام، وأنصار التوحيد، والتركستان، والقوقاز وغيرها من الجماعات"، هي سبب التضييق على الكرد في المنطقة.
وينوه الحسن أن تهميش الكرد في المنطقة يعود لتواطئ المنظمات والمؤسسات الخيرية التي تعمل بالتنسيق مع "هيئة تحرير الشام"، مضيفاً أن المنظمات الإنسانية المدعومة من تركيا والتي تعمل في الشمال السوري تحت إشراف "هيئة تحرير الشام" مسؤولة عن تردي الأوضاع المعيشية التي يعاني منها الكرد في المنطقة.
بدوره يتحدث مازن أيوب 30 عاماً ( وهو اسم مستعار لشاب من قرية الكفير في ريف إدلب الغربي)، عن معاناته في البحث عن فرصة عمل منذ أكثر من عام رغم دراسته في مجال طبي تحتاجه المنطقة بشكل عام، الأمر الذي يدفعه للتفكير بالهجرة خارج سوريا.
ويضيف أيوب أن الكثير من الشباب الذين يعانون من البطالة وانعدام فرص العمل قلقون على مستقبلهم في المنطقة بشكل عام، وخاصة في المنطقة التي يعيش فيها الكرد بإدلب حيث لا تلقى تلك المناطق اهتمام المنظمات الإنسانية.
ويشير أيوب أن غالبية الشباب الكرد بريف إدلب، يخفون هويتهم القومية قدر الإمكان أثناء التنقل في مناطق إدلب وريفها، خوفاً من التمييز الذي يتعرضون له على حواجز "هيئة تحرير الشام" وتعرضهم للمضايقات، رغم أن غالبية الكرد في المنطقة هم من المسلمين.
يذكر أن الكرد في الشمال السوري يعانون من سياسات تمييزية بحقهم، سواء أكان في المناطق الواقعة تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام" أو في البلدات والقرى الكردية بريف حلب الشمالي، الخاضعة لسيطرة ما يسمى "الجيش الوطني السوري" الموالي لتركيا، حيث يتعرضون لسياسة تغيير ديمغرافي، ويتم الاستيلاء على منازلهم لتوطين وافدين إلى المنطقة من عدة محافظات سورية.
التعليقات