![]() |
مصدر الصورة: موقع اقتصاد |
ليث المحمد- إدلب/ ايزدينا
تعمل "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) المتشددة وفق نهج جديد في سبيل سرقة المزيد من قوت المواطنين في مناطق سيطرتها بمدينة إدلب وريفها، ومن بين هذه الأساليب المختلفة، ما تسميها الهيئة بـ "المحرمات"؛ التي طالما أفتى شرعيوها بحرمتها شرعاً على المدنيين.
وتعمد الهيئة حالياً للسماح بهذه "المحرمات" مقابل ضرائب وإتاوات، ومن بين هذه "المحرمات" الشرعية التي بدأت الهيئة بالسماح بها هي الأركيلة (الشيشة)، وإطلاق النار في المناسبات، وعزف الآلات الموسيقية وإقامة الحفلات والأعراس.
وأكدت مصادر محلية لموقع ايزدينا أن عدداً من المقاهي والمطاعم في منطقة إدلب وريفها بدأت بتقديم الأركيلة (الشيشة) للزبائن بعد أن قامت بترخيص تلك المحلات لدى "حكومة الإنقاذ" بعد دفع مبلغ يقدره ناشطون محليون بين /500 و1000/ دولار أمريكي، حيث بلغ عدد المطاعم والمقاهي الرئيسية التي حصلت على الترخيص حتى الآن /17/ مطعماً ومقهاً.
وأضافت المصادر، أن بعض المسابح والملاعب أيضاً تتجه لتقديم الأركيلة (الشيشة) علماً أنها كانت تمنع سابقاً بشكل قطعي من قبل "حكومة الإنقاذ"، ويتم تغريم ومحاسبة صاحب أي مطعم يقدم الأركيلة (الشيشة) للزبائن، حيث كانت تصل العقوبة إلى إغلاق المطعم ومصادرة معداته بشكل كامل.
ويرى بعض سكان المنطقة أنه لا تفسير لهذا التحول اللافت في تعامل "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) وحكومتها "الإنقاذ" سوى أنها تحاول الاعتدال في سبيل إزالة تصنيفها ضمن لوائح الجماعات الإرهابية ولتحسين صورتها لدى المجتمع الدولي، إضافة إلى الاستفادة المادية.
يقول عمران العلي ( وهو اسم مستعار لصاحب أحد المطاعم المشهورة في مدينة إدلب) إن مطعمه يعد من بين أشهر المطاعم في إدلب، ويعود تاريخ افتتاحه إلى عام 2010، ويقصده بشكل يومي عشرات الزبائن لما يقدمه من أنواع كثيرة من المأكولات مثل اللحم البقري والغنم والسمك وغيرها، كما يقدم الفواكه والحلويات والمشروبات، ولكن منذ عام 2015 بدأ التضييق عليه من قبل عناصر "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بسبب تقديمه الأركيلة (الشيشة) للزبائن، إلى أن تم منعه من ذلك بشكل كامل أواخر عام 2018.
ويضيف العلي أنه سمع في الآونة الأخير عن موضوع ترخيص الأركيلة في المطاعم والمقاهي، فقام بتقديم طلبه عن طريق أحد القادة العسكريين في الهيئة، بعد دفعه مبلغ /200/ دولار أمريكي، على أن يدفع مبلغ /100/ دولار كل ستة أشهر أيضاً، مشيراً إلى أنه وافق مباشرة بسبب ارتفاع سعر خدمة تقديم الأركيلة للزبائن، حيث تقدم الأركيلة بسعر /20 / ليرة تركية (نحو 7500 ليرة سورية) للشخص الواحد، الأمر الذي يعني الكثير من الأرباح التي سيجنيها بعد الترخيص.
ويشير العلي أن سبب السماح لأصحاب المقاهي والمطاعم بتقديم الأركيلة (الشيشة) هو "السياسة الشرعية" بعدف عدم التصادم مع الشارع الذي تحاول "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) تجنبه قدر المستطاع.
ويؤكد العلي وجود إقبال كبير على مطعمه بعد الترخيص حيث يقصده أشخاص من عدة مدن وبلدات رئيسية في ريف إدلب، بعد أن بدأ يقدم الأركيلة (الشيشة) بشكل علني تحت أنظار أمنيين وقيادات في "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) والذين يترددون إلى المطعم بشكل يومي.
بدوره يقول محمود الفاروق (وهو اسم مستعار لصاحب مسبح في بلدة دير حسان بريف إدلب الشمالي) إنه افتتح مسبحاً مؤخراً مع قدوم فصل الصيف، بتكلفة /22/ ألف دولار أمريكي، حيث يقدم المسبح جميع الخدمات للزبائن الذين بدأوا بالتوافد إليه فور إنهاء التجهيزات، مشيراً وأنه بسبب الطلب الملح على الأركيلة (الشيشة) قرر ترخيص تقديم هذه الخدمة لدى "حكومة الإنقاذ".
ويضيف الفاروق أنه طلب من أحد قياديي "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) ترخيصاً، لكنه أخبره بأن عليه الانتظار عدة أسابيع حتى يتمكن من مساعدته في الترخيص.
ويتوقع الفاروق أن يدفع مبلغ /500/ دولار أمريكي كضريبة ترخيص ليسمح له بتقديم الأركيلة (الشيشة) للزبائن في المسبح.
ويشير الفاروق أنه على معرفة بعدد من أصحاب المسابح الذين قاموا بترخيص خدمة تقديم الأركيلة (الشيشة) بعد موافقة "حكومة الإنقاذ" التابعة لـ "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً).
من جانب آخر سمحت "حكومة الإنقاذ" المجال أمام ترخيص الأعراس واستخدام الآلات الموسيقية خلال مناسبات الخطوبة والزواج، علماً أنها كانت تعتبر سابقاً من ضمن الأشياء التي تحرمها بشكل قطعي، وتقام حالياً بشكل يومي العديد من الأعراس التي تتضمن عزف الآلات الموسيقية ومشاركة مطربين ومكبرات الصوت علناً.
وحول هذا الموضوع يقول سعد الخالد ( وهو اسم مستعار لنازح من ريف حلب الجنوبي ويقيم في بلدة كفرتخاريم في ريف إدلب الشمالي) إن يعيش في البلدة منذ بداية عام 2020، حيث أنهى تجهيز منزل قام بشرائه لأحد أبنائه بتكلفة ثمانية آلاف دولار أمريكي، ليتزوج فيه، وتقدم لطلب فتاة نازحة أيضاً في البلدة، وتم الاتفاق على جميع تفاصيل الزواج.
ويضيف الخالد أنه وبتاريخ 10 آذار/ مارس 2021، توجه لمركز الجهاز الأمني التابع لـ "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) لترخيص إقامة حفل غنائي مع آلات موسيقية، وقام بدفع مبلغ /100/ دولار أمريكي، ليسمح له بذلك.
ويتابع الخالد أنه أقام الحفل بحضور عدد كبير من المدعوين، حيث كانت أصوات الموسيقى والمطرب تصدح، دون أي مخالفة أو مساءلة، بخلاف ما كان عليه الوضع سابقاً.
ويشير الخالد أن هناك إتاوات تدفع أثناء حفلة العرس للسماح بإطلاق النار في الهواء تعبيراً عن الفرح، حيث يتم دفع مبلغ /20/ ليرة تركية (نحو 7500 ليرة سورية) عن كل مخزن رصاص، مضيفاً أن كل تلك الأموال تذهب لجيوب القادات بحجة الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم.
وينوه الخالد إلى أن إطلاق النار بالمناسبات تم منعه لمدة عامين، لكن لم تتمكن "هيئة تحرير الشام" ( جبهة النصرة سابقاً) من فرضه المنع على المدنيين، حيث كانت تتذرع بذريعة هدر الأموال وتعريض حياة المدنيين للخطر وإزعاجهم.
يذكر أن "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) انتهجت التشدد الإسلامي بشكل كبير جداً في أحكامها على المتواجدين ضمن مناطق سيطرتها منذ بداية الأحداث السورية، حيث كانت تحاسب وتجرم أي مخالف لمعتقداتها، وتضعهم بسجونها.
التعليقات