فادي الأسمر- إدلب/ ايزدينا
قامت ما تسمى "غرفة عمليات عزم" مؤخراً بتشكيل لجنة تحت مسمى "لجنة رد المظالم" للتحقيق بعدد من قضايا الفساد المتهم بها قائد فصيل "فرقة السلطان سليمان شاه" المدعو محمد الجاسم ( أبو عمشة)، وذلك بعد الفيديو الذي تم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي لأحد أقارب ( أبو عمشة) والذي أظهر فيه العديد من المعلومات التي تشير لتورط الأخير بالعديد من الجرائم وقضايا الفساد، لكن اللجنة المذكورة لم تتمكن من محاسبته لعدة أسباب، بحسب متابعين.
ويرى ناشطون في المنطقة، أن من بين أبرز وأهم أسباب عدم محاسبة المدعو( أبو عمشة)، هو إسراع الأخير بدفع رشاوي كبيرة لعدد من قيادات وضباط ما يسمى "الجيش الوطني السوري"؛ مستنجداً بهم لتخليصه من هذه المشكلة.
وحصل موقع ايزدينا من مصادرة خاصة على معلومات وأحداث جرت خلال وبعد انتهاء قضية محاكمة المدعو (أبو عمشة) والذي يعد واحداً من أبرز قيادات فصائل المعارضة السورية الموالية لقوات الاحتلال التركي.
رشاوي وهدايا لإفلات من العقاب
وتشير تلك المعلومات إلى أن المدعو (أبو عمشة)، دفع العديد من الرشاوي على شكل "هدايا" لبعض قيادات الفصائل الموالية لتركيا والمنضوية تحت راية "الجيش الوطني السوري" ومن بينهم القيادي في فصيل "الجبهة الشامية" المدعو تيسير الحسن والذي ينحدر من ريف حماة الشمالي، حيث حصل الأخير على سيارة يقدر سعرها بنحو 35 ألف دولار أمريكي كهدية، إلا أن قيادة "الجبهة الشامية" اتهمته بالتعاون مع (أبو عمشة) وسحبت منه السيارة وزجته في السجن، ما دفع (أبو عمشة) إلى تهديد الفصيل وقياداته لإطلاق سراح القيادي خلال 24 ساعة وإعادة السيارة له، وبالفعل خضعت "الجبهة الشامية" للتهديدات وأطلقت سراحه وأعادت له السيارة.
وتقول المصادر الخاصة، إن(أبو عمشة) منح عدد من الضباط والقياديين في عدة فصائل، مبالغ مالية لمساندته والوقوف إلى جانبه في أزمته، حيث توجه إليه عدد كبير من قيادات فصائل "الفرقة الساحلية الأولى" و" الفرقة الأولى مشاة" وقيادات من "حركة أحرار الشام الإسلامية" إضافة لأعداد من أبناء عشائر من مناطق ريف حماة الشمالي، ووصلت إلى مناطق نفوذه في ناحية شيه/ الشيخ حديد، على شكل أرتال عسكرية للاستعراض، في حين قام (أبو عمشة) بتوزيع مبالغ تتراوح بين 2000 إلى 5000 دولار أمريكي لكل قيادي، من أجل جلب دعمهم ووقوفهم إلى جانبه، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تخليصه من التهم الموجهة له.
كسب تعاطف القيادات عبر الولائم
يقول الناشط الصحفي عبد الله المحمد، المقيم في ريف حلب الشمالي، لموقع ايزدينا، إنه ومنذ بداية مشكلة (أبو عمشة) التي بدأت بعد ظهور زوج ابنته في فيديو مسجل نُشِرَ على منصات التواصل الاجتماعي، وتبعها تشكيل لجنة للتحقيق بقضايا الفساد، بادر (أبو عمشة) إلى كسب العديد من القيادات ولاسيما فصيل "الجبهة الشامية" عبر كسب تعاطف قياداته ومناصرتهم له، حيث دعاهم إلى ولائم ودفع المال لهم ورحب بهم بشكل كبير من أجل إنهاء هذه المشكلة.
ويضيف المحمد، أنه بادر أيضاً إلى تعيين القيادي في "حركة أحرار الشام الإسلامية" المدعو حسام عبود كمسؤول للتواصل والتنسيق، وهو شقيق المدعو حسان عبود القائد الأسبق للحركة، وكخطوة إعلامية بادر أيضاً لتسليم شقيقه المدعو سيف العمشة لجنة رد المظالم ليثبت عدم تورطه في أي جرائم ويتستر على ما ظهر من فضائح بحقه.
ويتوقع المحمد، أن تكون هذه المحاكمة واللجنة هي عبارة عن عملية تهدئة للرأي العام، ومحاولة لإرضاء الحاضنة الشعبية الغاضبة من هذه التصرفات، إلا أن الحقيقة هي أن حتى قيادة "الجيش الوطني السوري" لا تستطيع محاسبة (أبو عمشة)؛ كونه مقرب جداً من تركيا ولا تستطيع التخلي عنه، فهو ذراعها العسكري الأهم في الشمال السوري، وفصيله كان من أبرز الفصائل التي أرسلت مرتزقة للقتال في ليبيا وأذربيجان.
وقالت مصادر محلية، لموقع ايزدينا، إنه ومنذ الأسبوع الأول من بدء جلسات النقاش للجنة "رد المظالم" توافد العشرات من الموالين للمدعو (أبو عمشة) من عدة مناطق ولاسيما من ريف إدلب الشمالي، حيث توجهت العديد من السيارات المحملة بعناصر من أقربائه وأبناء مناطق ريف حماة الشمالي لمساندته في حال كانت هناك نية لأي فصيل بمهاجمة مناطق نفوذه والسيطرة عليها، حيث استقبل (أبو عمشة) مواليه وحضَّر الولائم لهم وقام بدعمهم بالمال والسلاح ومنح بعض الشخصيات العشائرية البارزة هدايا ثمينة.
وأكدت المصادر، أن هذه الحشود العشائرية التي قام بشراء ولاءها لا تزال متواجدة إلى الآن ضمن مناطق سيطرة (أبو عمشة) في ناحية شيه/ الشيخ حديد لتلبية أوامره في حال حدث أي اشتباك عسكري، وأن (أبو عمشة) نجح حتى الآن بقلب موازين القضية لصالحه، ولم يعد هناك أي خطر عليه بسبب شراءه ذمم القيادات والشرعيين الذين يشرفون على اللجنة.
آخر مستجدات لجنة رد المظالم
وحول آخر مستجدات قضية "لجنة رد المظالم" يقول عبود الباسم ( وهو اسم مستعار لشاب مقيم في ناحية شيه/ الشيخ حديد) لموقع ايزدينا، إن موضوع اللجنة لا يزال حديث الشارع في المنطقة حتى الآن، لكن اللجنة لا تتقدم ولم تقوم بمحاسبة (أبو عمشة) أو أحد إخوته المتورطين في قضايا الفساد وجرائم قتل وتعذيب وسرقات وغيرها، وأن المنطقة في حالة من الترقب للنتائج التي ستتوصل إليها اللجنة؛ التي تبدو شكلية وغير مجدية.
وتضم اللجنة ثلاث شرعيين هم "عبد العليم عبد الله، وأحمد علوان وموفق العمر" وهم أعضاء فيما يسمى "المجلس الإسلامي السوري".
ويضيف الباسم، أن اللجنة لا تزال تستجوب العديد من الشخصيات العسكرية والمدنية وتستدعيهم وتستمع إلى شهادات مدنيين تحت حمايتها، لكن هناك تخوف من انتقام (أبو عمشة) من الذين شهدوا ضده لدى اللجنة، إضافة إلى أن الكثيرون يتخوفون من الإدلاء بشهاداتهم بسبب عدم وجود ضمانات بعدم ملاحقة الشهود ومحاسبتهم من قبل (أبو عمشة).
ولا يزال (أبو عمشة) يظهر نفسه بأنه بريء من التهم الموجهة إليه، رغم قوة الأدلة، ويبدي عدم اهتمامه بالنتائج التي ستخرج عن اللجنة، فيما يقوم موالين له بالخروج في مظاهرات عسكرية بشكل يومي واستعراض قواتهم كوسيلة لإرهاب الفصائل التي تحاول تقليص دور فصيل "فرقة السلطان سليمان شاه" أو إنهاء وجوده والسيطرة على مناطقه، بحسب مصادر محلية.
يذكر أن هناك حالة من التوتر في العلاقات بين فصيل "فرقة السلطان سليمان شاه" والفصائل المنضوية تحت مسمى "غرفة عمليات عزم" بعد أن أثارت الأخيرة العديد من قضايا الفساد المتورط بها قائد الفرقة المدعو محمد الجاسم أبو عمشة.
التعليقات