علي عيسو / رئيس تحرير موقع ايزدينا
للشعوب الحرة أهدافاً سامية تسير إليها وتطمح إلى بلوغها عبر النضال، وصولاً إلى شرعنة مطالبها المحقة والتي يمكن تلخيصها بـ الحرية، هذه الكلمة التي تعيد إلى أذهاننا أصوات الشارع السوري الرافض لاستبداد النظام وآلته الإجرامية، وذات الكلمة تضعنا أمام حركات أصولية متشددة استغلت إرهاب النظام السوري ونجحت في استقطاب بعض الشباب السوري والتغرير بهم.
هذا الفخ الذي نصبه النظام للسوريين البسطاء، وقع فيه بعض السياسيين المعارضين، مروجين لتطرف تنظيم داعش في بداياته، وجبهة النصرة لاحقاً، وأيضاً معاداة الأقليات الدينية والعرقية، وربط النظام السوري بطائفته الدينية، وبالتالي تحريف مسار الثورة من الكفاح والنضال السلمي ضد الاستبداد، إلى إقصاء ومعاداة للطائفة الشيعية والعلوية.
في برنامج سياسي ساخر أطلقتها شبكة أورينت الإعلامية تحت عنوان "السيناريو"، من تقديم الفنان السوري المسرحي همام حوت، أساء البرنامج إلى الطائفة الشيعية عبر الاستهزاء بمراسيمها الدينية التي تقام في المواكب الحسينية، حيث جاءت الإساءة داخل سياق حديث سياسي يسخر من رموز النظام السوري في إشارة من البرنامج إلى ولاء وانتماء الطائفة الشيعية إلى نظام الأسد.
الإساءة التي جاءت في برنامج سياسي يعرض في قناة تعتبر نفسها ناطقة باسم الثورة السورية، تعزز إدعاءات النظام السوري وأجهزته الإعلامية التي روجت مراراً بأن الثورة تستهدف الأقليات، ومثل هذه البرامج التي تقدم نفسها على أنها تناصر الثورة السورية، تخدم النظام بشكل مباشر، وتزيد من فرص النظام في إقناع المؤيدين له، وحتى المجتمع الدولي بمشروعية حملاته العسكرية التي تستهدف "المتطرفين" حسب إدعائه.
ولو أن البرنامج كان مخصصاً لنقد الأديان، كحال الآلاف من البرامج التي تعرض على اليوتيوب، لما حُظي بالأهمية والاهتمام، لأنه يعبر عن وجهة نظر الناشر أو الجهة التي تنتجها، ولكن دمج الجانب الديني بالمواضيع السياسية التي تخص الثورة السورية لا يمكن القبول به أو تجاوزه، لأن البرنامج عبر فقراته السياسية المعارضة توحي للمشاهدين بأنها الواجهة الإعلامية لصوت الثورة السورية.
يدرك السوريون تماماً الدور الهام الذي لعبته الوسائل الإعلامية المختلفة في الأيام الأولى للثورة السورية مابين مضلل للرأي العام وبين مناصر لتطلعات الشعب السوري، لذلك لا بد من الاحتجاج ضد ما صدر عن البرنامج من إيماءات جسدية (اللطم) والتي تستهزئ بالطائفة الشيعية، والتأكيد على أن الإخوة الشيعة وغيرهم من أبناء الأديان والطوائف والقوميات، لهم ولطقوسهم وعاداتهم وتقاليدهم كل الاحترام، ولا دخل لاستبداد النظام أو جرائم داعش وجبهة النصرة بالأديان التي تختبئ تحت عباءتها هذه التنظيمات الاستبدادية والمتطرفة.
أن تكون مظلوماً لا يعني أن تظلم الآخرين، والعاقل الحر هو الذي يبتعد عن فكرة العقاب الجماعي أثناء القصاص من الظالم، وهذا ما دفع بالدكتور علاء الدين آل رشي، وهو من الإخوة المسلمين السنة، إلى إدانة هذه المشاهد المسيئة للطائفة الشيعية، عبر تسجيل مصور له على صفحته الشخصية في الفيسبوك متوجهاً برسالته إلى إدارة قناة أورينت.
كل التضامن مع تلك الرسالة المصورة، ونتمنى من إدارة القناة ومقدم البرنامج مراجعة سياسة البرنامج، والابتعاد عن تحقيق رغبات النظام السوري ببناء مجتمع طائفي لا يقبل التعايش بين أبناء المكونات الدينية والعرقية.
التعليقات