علي عيسو - رئيس تحرير ايزدينا
نشرت منظمة هيومان رايتس ووتش اليوم الأربعاء بيانًا صحفيًا نقلت فيه مزاعم بعض المدنيين بقيام مقاتلين إيزيديين في العراق بالإخفاء القسري والقتل بحق 52 مدنيًا من قبيلة متيوت في يونيو/حزيران 2017، حيث وجهت أصابع الاتهام إلى كتيبة ايزيدخان وفوج لالش.
لا بد من التنويه قبل الدخول إلى حيثيات البيان إلى أن المجتمع الإيزيدي الذي ذاق الويلات طيلة بقاءه على أرضه التاريخية في كل من سوريا والعراق وتركيا، لم تدفعه جرائم القتل والاغتصاب المرتكبة بحقه إلى ارتكاب الانتهاكات بحق الآخرين، كما أنه مجتمع مسالم لطالما كان يبتعد عن العسكرة قبل سيطرة داعش على بعض مناطقه التاريخية في شنكال/سنجار عام 2014.
انقسم هذا المجتمع من الناحية العسكرية، بعد توجه بعض الإيزيديين لتنظيم أنفسهم داخل مجموعات عسكرية كانت تخوض المعارك من أجل تحرير المناطق التي سيطر عليها التنظيم، حيث نظمت بعض هذه التشكيلات نفسها ضمن إطار قوات البشمركة، وأخرى توزعت ما بين الحكومة المركزية وقوات الحشد الشعبي، ودفعت هذه الانقسامات العسكرية إلى تفتيت المجتمع الإيزيدي سياسيًا، نظرًا لتأثير الجانب العسكري على الحياة السياسية.
ورغم هذه الانقسامات، تمسك الإيزيديون بالمبادئ الدينية التي تحرم عليهم دماء الآخرين، كما أنهم مؤخرًا قاموا بتسليح أنفسهم، مجبرين، كـطريق للتخلص من العبودية الجنسية التي فرضتها داعش عليهم، حيث تحتفظ الأخيرة بين جدرانها أكثر من ثلاثة آلاف امرأة وطفل كمختطفين ومعظم النساء يتم استعبادهم جنسيًا تحت اسم "السبايا".
هذه الحرمة تجاه دماء الآخرين يمكن ملاحظتها من خلال بيان منظمة هيومان رايتس ووتش، والذي جاء فيه أن "أحد قادة المجتمع الإيزيدي قدم لـ هيومن رايتس ووتش قائمة تضم أسماء 5 مقاتلين إيزيديين قيل له بأنهم من أعدموا تلك العائلات"، وهذا التصرف من الرجل الإيزيدي يؤكد بأن المجتمع الإيزيدي لا يمكن أن يتستر يومًا على أية جرائم قد يرتكبها أحد أبناء المجتمع الإيزيدي، كما أنه دليل على أن الجناة في حال ثبتت التهمة عليهم، قد تصرفوا بشكل فردي.
هؤلاء المقاتلون الخمسة المتهمون بهذه الجرائم، لم يتم التأكد بعد حقيقة تورطهم، حيث أن بيان هيومان رايتس ووتش لم يؤكد حادثة قتل المدنيين من قبل المقاتلين الإيزيديين، بل بدأ البيان بكلمة "مزاعم"، وأفسحت المنظمة المجال للسلطات العراقية بالتحقيق في القضية والوصول إلى الجناة المتورطين.
مهما تكن تفاصيل هذه الجريمة لا يمكن لأي مجتمع مسالم أن يقبل بها، وهذا حال الإيزيديون الرافضون بشكل مطلق لأية جريمة ترتكب هنا وهناك، كما أنه لا يجوز استغلال مثل هكذا جرائم في سبيل ضرب مفهوم السلم الأهلي من خلال تضخيم الأحداث دون الاستناد إلى أدلة، وهذا ما حصل أول أمس الاثنين حين نشر موقع القدس العربي تقريرًا اتهم فيه الإيزيديين بارتكابهم لعمليات اغتصاب بحق 28 فتاة مسلمة، والمادة تم حذفها لاحقًا بعد تقديمنا في موقع ايزدينا لاحتجاج إلى إدارة موقع القدس العربي، أكدنا فيها أن المادة لم تستند على أية شهادة، وأن ذلك لا يتوافق مع أخلاقيات الصحافة.
وأخيراً على الحكومة العراقية تعزيز مفهوم السلم الأهلي في المنطقة، والتنسيق مع قوات البشمركة للحيلولة دون وقوع حالات انتقامية سبق وأن شهدتها المنطقة مؤخرًا، حيث تشهد شنكال/سنجار عمليات قتل فردية تطال الإيزيديين وآخرها كان مقتل راعي وإصابة آخر من قبل مجهولين بتاريخ 13 ديسمبر الجاري، كما يتوجب على الحكومة تشكيل لجنة مصالحة قانونية تبحث في حيثيات الخلاف بين عشيرتي المتيوت والجحيش من جهة وبعض الإيزيديين في شنكال وكوجو من جهة أخرى، لأن هناك من يقول بأن أفراد من العشيرتين متورطين بشكل مباشر في جرائم الاستعباد الجنسي بحق الإيزيديات، وكذلك ساعدوا داعش في السيطرة على القضاء في آب 2014.
التعليقات