متابعة: باران عيسى / ايزدينا
قالت مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان أول أمس الاثنين 19 شباط 2018 أن الحرب التي تقودها تركيا بمشاركة قوات المعارضة السورية على منطقة عفرين، خلفت مقتل ما لا يقل عن 173 مدنياً بينهم أطفال ونساء وجرح ما لا يقل عن 464 مدني بحسب ما أفادت لفريق محققي مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان الصيدلانية أنجيلا رشو الرئيسة المشتركة للمجلس الصحي في منطقة عفرين.
وأوضحت مؤسسة التآخي أنها وثقت مقتل 16 مدنياً بينهم 7 أطفال و 3 سيدات منذ انطلاق العملية العسكرية التي سمتها تركيا "غضن الزيتون" بتاريخ 20 كانون الثاني 2018 بذريعة حماية أمنها القومي من هجمات محتملة لحزب العمال الكردستاني والتي تتهمه أنقرة عبر وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا كذراع سوري للحزب المصنف تنظيماً إرهابياً بحسب تركيا والعديد من دول العالم.
وأشارت المنظمة أن منطقة عفرين تقطنها غالبية كردية من العلويين والإيزيديين والسنة إلى جانب العرب من ذات المذاهب وبضعة آلاف من المسيحيين، وأن المنطقة تتألف إضافة إلى مدينة عفرين من سبع نواح هي "شران، شيخ الحديد، جنديرس، راجو، بلبل، المركز ومعبطلي" و366 قرية، يبلغ مجموع عدد سكان منطقة عفرين 523,258 نسمة حتى تاريخ 31/12/2010 بحسب الإحصائيات الرسمية.
وقالت تارا راينور أوجريدي الباحثة في مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان "إن استخدام تركيا ذريعة محاربة PKK لا يمنحها سماحية لقتل المدنيين العزل في منطقة عفرين، والقصف العشوائي للأعيان المدنية انتهاك واضح لأعراف الحرب والقانون الدولي الإنساني، الذي يلزم بحماية المدنيين وممتلكاتهم".
وأضافت أوجريدي "إن اتفاق أضنه الذي وقعته تركيا مع النظام السوري في 20 أكتوبر 1998 والذي بموجبه يمنح تركيا الحق في الدفاع عن أمنها القومي ومحاربة حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي السورية واستهداف معسكراته وتجمعاته كما أن الملحق الرابع من الاتفاق يسمح لتركيا بالتوغل لغاية 5 كلم داخل الأراضي السورية بهدف تحقيق ذلك لكن هذه الاتفاقية لا تمنح تركيا سماحية قتل المدنيين واستهداف المناطق الآهلة بالسكان المدنيين بشكل عشوائي".
وأضافت مؤسسة التآخي أنها تلقت 16 بلاغاً عن مقتل مدنيين في خضم العملية العسكرية "غضن الزيتون" منذ انطلاقها بتاريخ 20 كانون الثاني 2018 لغاية 18 شباط 2018 وعلى إثر هذه البلاغات التقى فريق محققي مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان المتواجدين في عفرين بـ 30 مدنياً أكدوا قيام سلاح الجو التركي والمدافع الثقيلة المنتشرة على الحدود التركية-السورية بقصف القرى والبلدات الحدودية بشكل عشوائي مما أوقع مالا يقل عن 173 قتيلاً مدنياً.
وأشارت المنظمة أن محققوها التقوا بالمواطنة أ.ح البالغة من العمر 53 عاماً وتعمل معلمة والتي قالت إنه "في تمام الساعة 3 فجراً يوم الخميس 8 شباط 2018 تم قصف قرية "دير بلوط" التابعة لناحية "جينديرس" في منطقة عفرين بواسطة الطيران الحربي أدت إلى مقتل الطفل بدر درموش البالغ من العمر 10 سنوات بعد إصابته بشظايا في الصدر".
كما التقى فريق محققي المؤسسة بالمواطن ع.ج البالغ من العمر 50 عاماً ويعمل سائقاً حيث قال "أصيب الطفل لاوند مصطفى عدنان البالغ من العمر سنتين فقط إثر إصابته بشظايا في الرأس نتيجة قصف الجيش التركي بالطيران الحربي على قرية "حسية" التابعة لبلدة "معبطلي" يوم الجمعة 9 شباط 2018".
وأكد كافة الشهود الذين التقاهم فريق مؤسسة التآخي في عفرين أن استهداف العملية العسكرية للمدنيين دفع بالآلاف من المواطنين لترك منازلهم التي بقيت عرضة للنهب والسرقة من قبل قوات المعارضة السورية التي تشارك قوات الجيش التركي في عملية "غصن الزيتون" ونزحوا داخلياً باتجاه مركز مدينة عفرين في ظل حصار تفرضه قوات النظام السوري على الخروج من المنطقة باتجاه حلب الخاضعة لسيطرة النظام السوري كما أفاد بعض المدنيين الذين نجحوا بعبور نقاط التفتيش التابعة للنظام السوري بين عفرين وحلب أنهم دفعوا مبالغ مالية ضخمة لقوات النظام السوري للسماح لهم بالعبور وصلت لمبلغ ألفين دولار أمريكي عن كل شخص.
وكانت مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان قد ناشدت في بيان لها قبيل انطلاق العملية العسكرية التركية التي تشارك فيها قوات المعارضة السورية بضرورة وقف العملية لما لها من انعكاسات خطيرة على واقع التعايش والسلم الأهلي في سوريا وتركيا على حد سواء وطالبت حكومة تركيا وحزب العمال الكردستاني لضرورة إعادة تفعيل عملية السلام التي توقفت في العام 2015 كما أكدت على ضرورة امتناع قوات المعارضة السورية عن المشاركة في هذه العملية التي خلفت آثار بالغة الخطورة على مفاهيم المواطنة والعيش المشترك تلخصت بخطاب كراهية وتحريض ستكون له تبعات على المواطنين العرب والكرد في سوريا.
يذكر أن مؤسسة التآخي Biratî لحقوق الإنسان تأسست في ١/١/٢٠١٣، وهي منظمة غير حكومية غير ربحية مسجلة حسب القانون الألماني للجمعيات الغير ربحية ومستقلة عن كافة الجهات والهيئات، وتعمل المؤسسة على نشر ثقافة حقوق الإنسان ورصد انتهاكاتها, وكشف جرائم الحرب المرتكبة في مناطق النزاع في الشرق الأوسط كما وتعمل على مناصرة المدافعين عنها وترسيخ مفاهيم التعايش السلمي في المناطق ذات التنوع القومي والديني في الشرق الأوسط، وتسعى لتمكين المرأة حقوقياً ومهنياً وسياسياً كما يعمل على تعزيز حماية حقوق الطفل وتعمل على اندماج اللاجئين في المجتمعات الأوربية وتعمل على إعداد الدراسات والأبحاث حول التطرف والإرهاب في الشرق الأوسط لترسيخ قيم المواطنة والعدالة والحرية.
الصورة لمدني في عفرين أسعف أبنائه إلى المشفى بعد تعرضهم للقصف
التعليقات