تحسين شيخ كالو - دهوك / ايزدينا
وثق الباحث خالد تعلو القائدي قصة شقيقته الناجية من تنظيم الدولة الاسلامية/ داعش، عبر تأليف كتاب بعنوان (ليلى وليالي الألم)، حيث اشتهر الكتاب على الساحتين الثقافية والإعلامية، ووصلت شهرته إلى المستوى العالمي خلال أسبوع من إصداره.
وأوضح خالد تعلو القائدي لموقع ايزدينا "أن ما تعرض له الإيزيديين من إبادة جماعية في القرن الواحد والعشرون تعتبر من أبشع أساليب الإجرام والإرهاب، حيث أن كل فرد إيزيدي منذ الساعات الأولى من ٣ آب عام ٢٠١٤ له قصة ومعاناة كبيرة، هذه القصص ليس لها نهاية محددة، وخاصة إذا ما تم إدراج هذه القصص في سياق صفحات كتاب معين".
وأضاف تعلو أنه فكر كثيراً في كتابة قصص أو دراسات حول ما تعرض له الإيزيديين بشكل عام والناجيات بشكل خاص، ولكن في كل مرة كان يتراجع عن الفكرة، في ظل صمت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان حول هذه الكارثة الإنسانية.
وأشار تعلو أنه وبعد تحرر شقيقته "ليلى" بتاريخ ٩/٤/٢٠١٧ ، كان يتحدث معها بين الحين والآخر عن معاناتها ومعاناة بقية الإيزيديات في سجون الدولة الإسلامية "داعش"، وأنه وجد أنه من واجبه كباحث أن ينقل معاناتها ومعاناة غيرها إلى الضمير الإنساني، وأن يكون جسراً لإيصال رسالتها عبر صفحات هذا الكتاب "ليلى وليالي الألم".
وذكر القائدي أنه يعيش مع معاناتها في كل لحظة، وكل يوم، وأن من واجبه المهني كباحث أن لا يبخل في مشاركتها هذه الأوجاع والآلام، وأن يكسر حاجز الخوف والخجل بينه وبين شقيقته، وخاصة أن المجتمع الإيزيدي مجتمع محب للسلام، وأن الناجيات من أسواق العبودية والرق والاغتصاب لهنّ مكانة خاصة في المجتمع الإيزيدي، كما أن من الضروري إثبات زيف كذب المتطرفين حول عدم استقبال الناجيات رغم ما تعرضوا له من اغتصاب أو إدخالهن إلى الإسلام بالإكراه، وأيضا كشف جرائم "داعش" وما ارتكبوه من جرائم لا أخلاقية بحق الإيزيديين، ودعى إلى عدم التستر على تلك الجرائم القذرة.
وأوضح الكاتب الإيزيدي أن "قصة ليلى جزئية بسيطة من آلاف القصص المأساوية التي تعرض لها أتباع الديانة الإيزيدية"، مشيراً أن "قصة ليلى وليالي الألم ربما هي أولى القصص التي يكتبها شقيق ناجية إيزيدية اسمها ليلى، وهي خطوة أو قرار جريء خاصة في ظل العيش ضمن مجتمع شرقي متزمت بالعادات والتقاليد التي تمنع الفتاة التحدث عن أبسط مشاكلها علانية"، مضيفاً أن "ما تعرضت له ليلى وغيرها من ظلم واضطهاد كارثة إنسانية شاملة بحق أقدم ديانة في الوجود، ولا يمكن أبداً السكوت عنها".
وقال تعلو إنه واجه صعوبات كثيرة ومؤلمة أثناء كتابة قصة شقيقته ليلى، فالعاطفة كانت مسيطرة، ولها تأثير كبير على منهجيته وفكره ككاتب، وخاصة أنه يتعامل في القصة مع أحد أفراد عائلته، ومن الصعب عليه التغلب على حاجز الخوف والخجل، مضيفاً أنه كان يتخوف من عدم القدرة على إكمال مشروع الكتاب، خاصة عندما كان يسمع من شقيقته الأساليب القذرة التي اتبعها عناصر "داعش" في قتل الإيزيديين واغتصاب القاصرات والاتجار بالبشر وبيعهن في أسواق النخاسة والرق، مؤكداً أن قوة وإصرار شقيقته على إيصال معاناتها ومعاناة غيرها دفعه لإكمال مشروع الكتاب.
وفيما يخص وصول الكتاب إلى أكبر عدد من المثقفين والمهتمين، أوضح القائدي أن "الموضوع بحاجة إلى طباعة أكثر من ١٠٠ ألف كتاب في العام الحالي لإيصال الكتاب إلى كافة المهتمين بالقضية الإيزيدية"، مشيراً أنه حاول إيصاله إلى عدد لا بأس به قدر الإمكان، وأنه "من البديهي وجود معوقات تمنع إيصال الكتاب إلى أيدي القراء، بسبب تكاليف الطباعة والتوزيع وغيرها من الأسباب"، مضيفاً أن "هناك طلب كبير للحصول على نسخة من الكتاب، وأنه من المهم جداً عمل نسخ إلكترونية له، لإتاحته أمام أكبر عدد ممكن من القراء، كما أن هناك طلب كبير على ترجمتها إلى لغات أخرى حيث يتم العمل لتحقيق ذلك".
وأكد الباحث والكاتب الإيزيدي أنه سيستمر في كتابة قصص الناجيات وخاصة من هم في عائلته، مشيراً إلى وجود مشروع كتاب آخر أوسع وأضخم من كتاب "ليلى وليالي الألم"، وذلك بعد نجاح مشروعه الأول داخل المجتمع الإيزيدي بشكل خاص والمجتمع الدولي بشكل عام، وما وجده من دعم وتشجيع من قبل الجميع.
من جهتها أوضحت ليلى تعلو أنها امرأة إيزيدية ووالدة لطفلين تعرضت لأبشع الجرائم على يد تنظيم داعش، وأنها فخورة بإنجاز الكتاب، الذي يعتبر أصدق توثيق لجرائم داعش، مشيرة أن كتاب "ليلى وليالي الألم" هي قصتها الحقيقة التي عاشتها على أرض الواقع طيلة عامان وثمان أشهر وست أيام من التعذيب النفسي والجسدي والاغتصاب، والحرمان والخوف.
وأكدت ليلى تعلو أنها فخورة جدا لأنها استطاعت التغلب على معاناتها والتحدث مع شقيقها خالد الذي أدرك معاناتها واستطاع إيصال قصتها والظروف التي مررت بها إلى العالم أجمع، مضيفة أن "ليلى وليالي الألم" ليست القصة الأولى أو الأخيرة لأن هناك الآلاف من الإيزيديين مازالوا يعانون من تلك الأساليب الوحشية والهمجية التي اتبعها داعش بحقهم، مشيرة أنها لم تتوقع هذا الاهتمام الكبير بالكتاب، وأن الواقع برهن أن هناك من يريد فعلاً أن يتحدث عن الناجيات ومعاناتهن بكل صدق، مختتمة أنها فخورة بهذا الدعم والتشجيع من الآخرين، وفخورة كونها أصبحت اليوم قادرة على تشجيع الناجيات في كتابة قصصهن وإيصال معاناتهن وعدم السكوت عن جرائم داعش.
يذكر أن مصير زوج ليلى ما يزال مجهول مع ٨ أفراد من عائلة شقيقها بينهم نساء وأطفال وشباب، حيث اختطف داعش ١٩ فرداً من عائلتها وعائلة شقيقها، وتم حتى الآن إنقاذ وتحرير عشر أفراد منهم خمس أطفال وخمس نساء بمساعدة الخيرين والمنظمات الإنسانية ومكتب الناجيات والمخطوفين، فيما لا يزال مصير التسعة البقية مجهولاً.
التعليقات