الدروز في ريف إدلب- مصدر الصورة: موقع هنا
ليث المحمد- إدلب/ ايزدينا
تعد طائفة الدروز في سوريا أحد أهم مكونات الشعب السوري، حيث تتميز سوريا بتعدد مكوناتها الطائفية والقومية.
وينتشر أبناء طائفة الموحدون الدروز في كل من القنيطرة والجولان والسويداء وريف دمشق، إضافة إلى جزء منهم يعيشون في قرى بشمال غربي إدلب، والواقع حالياً تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام"- "جبهة النصرة سابقاً".
ومع اندلاع الأحداث في سوريا، بدأ يتغير واقع أبناء طائفة الموحدون الدروز في ريف إدلب الغربي، حيث تعرضوا للتهميش من قبل المنظمات الإنسانية المدعومة من تركيا التي تعمل تحت إشراف "هيئة تحرير الشام".
يقول مروان العبد الله (وهو اسم مستعار لناشط حقوقي في ريف إدلب) لموقع ايزدينا إن تواجد أبناء طائفة الموحدون الدروز في الشمال السوري ينحصر في منطقة "جبل السماق" الواقع على بعد 20 كم شمال غربي إدلب.
ويضيف العبد الله أن الدروز يقطنون 17 قرية في تلك المنطقة، وهي قرى "بنايل، قلب لوزة، بشند لنتي، كفركيلا، عبريتا، جدعين، بشندلايا، كفرمارس، تلتيتا، حلي، كوكو، الدوير، عرشين، كفربني"، إضافة لقرى في سهل السماق هي " كفتين، بيرة كفتين، معارة الاخوان".
ويقطن كل قرية بشكل تقريبي بين 1000 إلى 2000 نسمة، وتشكل طائفة الموحدين الدروز نسبة 80 بالمئة من سكان هذه القرى، حيث يبلغ عدد أبناء طائفة الموحدون الدروز في الشمال السوري قرابة 17 ألف نسمة بحسب إحصاءات المجالس المحلية.
ويشير العبد الله أن قرى "جبل السماق" تعاني جميعها من التهميش من قبل المنظمات الإنسانية من جهة، ومن قبل حكومة الإنقاذ التابعة لـ "هيئة تحرير الشام" من جهى أخرى، حيث تعاني هذه القرى من غياب شبه تام للخدمات الأساسية مثل "الصرف الصحي والطرقات والكهرباء ومياه الشرب".
ويضيف العبد الله أن هذه القرى تفتقد لتوزيع المساعدات الإنسانية مقارنة مع باقي القرى والبلدات المحيطة، حيث يعاني معظم سكانها من الفقر الشديد وانعدام فرص العمل، رغم أن هذه القرى كانت ولا تزال ملاذاً آمناً للكثير من النازحين.
![]() |
مصدر الصورة: موقع هنا |
وعن الواقع التعليمي في هذه القرى يقول يوسف عليوي (وهو اسم مستعار لمدرّس في قرية عبريتا)، إن واقع التعليم في قرى "جبل السماق" يعتبر سيء للغاية، حيث توجد 8 مدارس فقط في 17 قرية، الأمر الذي يشكل صعوبة على الأطفال في التنقل إلى المدرسة بشكل يومي.
ويضيف عليوي إنه يوجد في كل مدرسة قرابة 1000 طالب، حيث تعتبر مساحات المدرسة صغيرة، وعدد صفوفها قليل جداً مقارنة مع أعداد الطلاب، حيث يضطر القائمون على المدارس إلى تقسيم الدوام لقسمين "صباحي ومسائي".
ويشير عليوي إلى وجود أكثر من 10 مدارس متوقفة تماماً وبانتظار الترميم والتفعيل لاستيعاب أعداد من الطلاب لتخفيف العبء عن بقية المدارس، لافتاً إلى أن غالبية المدرسين يعملون بشكل تطوعي دون رواتب شهرية.
وينوه عليوي إلى ضعف الإمكانيات في المدارس الموجودة والافتقاد للكثير من المستلزمات سواء أكانت "القرطاسية أو الكتب أو معدات التعليم وغيرها"، إضافة لعدم توفر مياه للاستعمال وتضرر دورات المياه في المدارس.
ويطالب عليوي بضرورة إيجاد حل لدعم القطاع التعليمي في "جبل السماق"، من أجل بناء الأجيال القادمة، لافتاً إلى أن على المنظمات المعنية بدعم التعليم في سوريا ، تحمل مسؤولياتها تجاه الواقع التعليمي في تلك المنطقة.
![]() |
مصدر الصورة: موقع اقتصاد |
ولا يختلف الواقع الطبي في المنطقة عن بقية الخدمات، فلا وجود لأي مشفى أو مستوصف في جميع قرى "جبل السماق"، حيث يضطر المرضى في تلك القرى لقطع مسافة طويلة من أجل تلقي العلاج في مدينة إدلب أو في البلدات المجاورة، ما يشكل عبئاً على سكان تلك القرى من ناحية زيادة أجور العلاج والمواصلات، بحسب ما يوضح عمار الأحمد ( وهو اسم مستعار لأحد سكان قرية "كفركيلا" بجبل السماق).
ويضيف الأحمد، أنه سكان قرى الجبل تقدموا بالعديد من الشكاوي إلى مديرية صحة إدلب التابعة لحكومة الإنقاذ من أجل إحداث مشفى واحد على أقل تقدير في تلك القرى، لكن الرد كان يأتي دائماً بالرفض بحجة أنه لا يمكن تغطية وتخديم جميع القرى في ريف إدلب طبياً.
ويشير الأحمد أن سكان القرى يضطرون لقطع مسافات طويلة من أجل إيجاد صيدلية لشراء دواء وخاصة في فصل الشتاء حيث يزداد عدد المصابين بنزلات البرد والرشح والتهاب الحنجرة وغيرها.
![]() |
قرية كفركيلا- مصدر الصورة: موقع اقتصاد |
ويعاني القطاع الخدمي في قرى "جبل السماق" من الإهمال، حيث يقول مالك العلي (وهو اسم مستعار لأحد سكان قرية "معرة الاخوان" بجبل السماق)، إن أنابيب الصرف الصحي متصدعة بشكل كامل في 90 بالمئة من قرى جبل السماق، كما أن الطرقات غير مؤهلة وغير معبدة وخصوصاً الطرقات الفرعية، ناهيك عن انتشار أكوام القمامة في تلك القرى.
ويضيف العلي أن حكومة الإنقاذ التي تدير منطقة إدلب لا تقدم أدنى نسبة خدمات في قرى جبل السماق.
ويشير العلي أن قرى "جبل السماق" تعاني من انقطاع تام لمياه الشرب منذ عام 2012 وحتى الآن، حيث لا توجد مشاريع لتأمين مياه الشرب لسكان تلك القرى على خلاف باقي مناطق إدلب وريفها التي باتت تتوفر فيها المياه بشكل جيد بعد دعم وتمويل المنظمات الإنسانية للمشاريع فيها.
ويوضح العلي أن سكان قرى جبل السماق يعتمدون على شراء المياه من الصهاريج بتكلفة تصل إلى 40 ليرة تركية (نحو 15 ألف ليرة سورية) للصهريج الواحد بسعة 20 برميل، مشيراً إلى أن سكان الجبل تلقوا وعود بتحسين أوضاعهم المعيشية وحفر آبار لتأمين مياه الشرب منذ عام 2013، دون تنفيذ تلك الوعود حتى الآن.
وينوه العلي إلى أن كل ذلك الواقع المرير لقرى "جبل السماق" يجري دون تحريك ساكن من قبل الجهات المعنية، كما أن السكان لا يستطيعون تحسين هذا الواقع بسبب الفقر والدخل المحدود، حيث أن غالبيتهم يعتمدون في معيشتهم على زراعة الزيتون كمصدر دخل إلى أن محصول الزيتون لم يعد يأتي بعائد مادي مناسب في الآونة الأخيرة.
الجدير بالذكر أن سكان قرى "جبل السماق" من طائفة الموحدون الدروز لا يزالون يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم وزيهم الشعبي المتعارف عليه، وعلى تراثهم القديم، وتعتبر قرى "جبل السماق" هي القرى الوحيدة في الشمال السوري التي استقبلت النازحين من جميع المناطق السورية في منازلهم مجاناً رغم أوضاعهم المادية المتردية.
التعليقات