ليث المحمد- إدلب/ ايزدينا
لم يسلم النشطاء والعاملين في المجال الإعلامي طيلة عمر الأحداث في سوريا من الانتهاكات التي تمارس بحقهم من قبل الأطراف المتنازعة على الأرض، من تهديد واعتقال وتعذيب وحتى القتل.
وكان لمناطق الشمال السوري، نصيباً وافراً من هذه الانتهاكات التي تمارسها كل من "هيئة تحرير الشام" وفصائل المعارضة السورية المسلحة "الجيش الوطني السوري" بحق الناشطات والنشطاء والإعلاميين.
رصدت مؤسسة ايزدينا /12/ حالة اعتداء وانتهاك بحق النشطاء الإعلاميين في منطقة إدلب وريفها الواقعة تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام" خلال الفترة الممتدة بين 1 كانون الثاني/ يناير 2020 و1 أيار/ مايو 2021، كما أدلى العديد الإعلاميات والإعلاميين بشهادات عن تعرضهم لانتهاكات من قبل "هيئة تحرير الشام" خلال فترة عملهم ونشاطهم الإعلامي.
تعرضت سعاد محمود، (وهو اسم مستعار لناشطة إعلامية من ريف إدلب الجنوبي)، للنفي والطرد من مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام"، حيث كانت تقيم محمود في بداية نزوحها بمدينة إدلب، قبل أن تقوم الهيئة بطردها إلى منطقة ريف حلب الشمالي.
وتوضح محمود لموقع ايزدينا أنها نزحت من ريف إدلب في شهر نيسان/ أبريل عام 2019، بعد اشتداد القصف على منطقتها، حيث استقر بها الحال في مدينة إدلب برفقة أهلها.
وتضيف محمود أنها وبعد استقرارها في إدلب، تابعت نشاطها الإعلامي عبر التصوير والتدوين، وركزت في كتاباتها على توجيه الأنظار إلى الفساد المتفشي في "هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ".
وتتابع محمود، أنها تلقت العديد من التهديدات بالاعتقال والقتل، كما تلقت إنذار بإيقاف عملها من قبل الجهاز الأمني التابع لـ "هيئة تحرير الشام"، لكن ذلك لم يثنيها عن متابعة عملها وحقها بالنقد والكشف عن الفساد في مناطق الشمال السوري، حتى تاريخ توقيفها على أحد حواجز "هيئة تحرير الشام" على مدخل مدينة إدلب أثناء ذهابها لمنزلها برفقة شقيقها بتاريخ 25 آب/ أغسطس 2020.
وتسرد محمود ما حدث معها فتقول، إن عناصر الحاجز أوقفوها عدة ساعات وفتشوا هاتفها الشخصي، وما أن تعرفوا عليها حتى أجروا اتصالات عبر أجهزة لاسلكية، وبعد نحو ساعة جاء قيادي في "هيئة تحرير الشام"، وأبلغها بضرورة حضورها بعد يومين لمقر المحكمة الشرعية بإدلب، ثم تم إطلاق سراحها بعد احتجازها لساعات.
وتوضح محمود أنها حضرت جلسة المحكمة قبل أن تعلم التهمة الموجهة لها والمدعي عليها، حيث تم الحكم عليها بالطرد لمنطقة ريف حلب الشمالي وعدم البقاء في إدلب ومنحها فرصة أسبوع للمغادرة تحت طائلة الاعتقال بحال لم تنفذ أمر المحكمة، مشيرة إلى أن التهمة التي وجهت إليها هي تأجيج الشارع والتحريض ضد "هيئة تحرير الشام".
وتسكن سعاد محمود منذ ذلك الحين في منزل عمتها بمدينة إعزاز في ريف حلب الشمالي، بعد أن أجبرت على مغادرة منطقتها والابتعاد عن أسرتها، حيث تواصل عملها ونشاطها حالياً وتدير منصة إعلامية تهتم بمتابعة وتوثيق جميع الانتهاكات التي تقوم بها جميع الأطراف في الشمال السوري.
ولا يتوقف الأمر عند الطرد والإبعاد فقط، بل قد يصل الأمر للضرب والإهانة مثل ما تعرض له عماد العمر (وهو اسم مستعار لناشط إعلامي من ريف حماة الغربي) يقطن في بلدة أرمناز شمال غربي إدلب.
يقول العمر إنه نزح من منطقة بريف حماة الغربي برفقة زوجته وأطفاله منتصف شهر آذار/ مارس 2019، واستأجر منزلاً في بلدة أرمناز شمال غربي إدلب، وكان يتنقل في المنطقة بسيارته لممارسة عمله وزياراته العائلية.
ويتابع العمر، أنه بتاريخ 14 أيلول/ سبتمبر من عام 2020، استوقفه حاجز يتبع لـ "هيئة تحرير الشام" أثناء دخوله بلدة "سلقين" برفقة زوجته وطفليه في زيارة لأهله، وبعد توقيفه تم تفتيش حقائبه وأغراضه الشخصية من قبل عناصر الحاجز.
ويوضح العمر، أنه بعد تذمره من أسلوب التعامل معه، قام عناصر الهيئة بإنزاله من السيارة وبدأوا يضربونه بشكل وحشي أمام زوجته وطفليه، ورغم إخباره عناصر الحاجز بأنه إعلامي تابعوا ضربه واقتادوه إلى مخفر البلدة.
ويشير العمر أنه، دخل على إثر هذه الحادثة المشفى وبقي فيها لمدة يومين وتعرض لعدة كسور ورضوض بسبب استخدام عناصر الهيئة البنادق لضربه.
ويضيف العمر أنه تعرض سابقاً لعدة انتهاكات ومضايقات وتهديد من قبل عناصر "هيئة تحرير الشام" وعدة فصائل أخرى لكنه لم يجرؤ على نشرها للعلن، وأن قصة تعرضه للضرب نشرها على صفحته الشخصية في الفيسبوك لمدة يوم واحد ثم حذفها بناء على طلب من أحد قياديي "هيئة تحرير الشام".
وقد يكون القتل أو الاغتيال هو مصير الإعلامي في حال اعترض على الجهات التي تسيطر على منطقة إدلب وريفها، كما حل بالإعلامي مصعب عزو، الذي قتل على يد عناصر من "هيئة تحرير الشام" بسبب مشاركته في مظاهرة مناهضة للهيئة في مدينة سراقب جنوبي إدلب في 17 حزيران/ يونيو 2017.
الجدير بالذكر أن الانتهاكات التي تقوم بها "هيئة تحرير الشام" بحق الإعلاميين في منطقة إدلب وريفها، لا تقتصر على الاعتقال والضرب والاغتيال، بل تمارس بحقهم انتهاكات من نوع آخر وخصوصاً في الآونة الأخيرة وهي التضييق على عملهم، ومنعهم من نقل صورة ما يجري من حقائق في المنطقة.
التعليقات