مصدر الصورة: موقع عنب بلدي
ليث المحمد- إدلب/ ايزدينا
رصدت ايزدينا آراء العديد من الاقتصاديين والمواطنين في الشمال السوري بعد نحو عام على بدء التعامل بالليرة التركية كبديل عن الليرة السورية في مناطق الشمال السوري؛ الواقعة تحت سيطرة الفصائل الموالية لقوات الاحتلال التركي أو الواقعة تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام"، للحديث عن سلبيات هذا الاستبدال وتأثيراتها على الاقتصاد والمواطنين بشكل عام.
وبدأت مناطق في الشمال السوري منذ شهر حزيران/ يونيو من عام 2020 بالتعامل بشكل تدريجي بالليرة التركية في عمليات البيع والشراء بدلاً من التعامل بالليرة السورية.
يقول محمد الجاسم ( وهو اسم مستعار لصاحب شركة لصناعة الأثاث المنزلي في إدلب) لموقع ايزدينا إن السبب الذي دفع سكان الشمال السوري للتعامل بالليرة التركية هو تراجع القيمة الشرائية لليرة السورية بشكل كبير وانهيارها أمام الدولار الأمريكي، إضافة لاستخدامها كورقة ضغط اقتصادي ضد النظام السوري بسبب المجازر التي يرتكبها بحق المدنيين.
ويضيف الجاسم، أنه وبعد نحو عام من هذا التعامل ظهرت العديد من السلبيات في الأسواق، حيث ارتبط الاقتصاد في الشمال السوري بشكل كامل بالليرة التركية، التي انخفضت قيمتها بشكل كبير نتيجة العقوبات الاقتصادية عليها.
ويوضح الجاسم أنه كتاجر ومالك لشركة صناعية يقوم باستيراد المواد الأساسية من تركيا بالدولار الأمريكي، وعند بيع منتجاته وبضاعته يطرحها في أسواق إدلب بالليرة التركية، الأمر الذي يتسبب بارتفاع الأسعار بشكل كبير وعدم تقبل الزبائن لها في الشمال السوري.
ويشير الجاسم، إلى ناحية سلبية أخرى وهي عدم وجود استقرار في الأسعار، فالليرة التركية تتأرجح بشكل دائم، ما يجعل من مسألة استقرار الأسعار في الشمال السوري أمر صعب جداً، لافتاً إلى ضرورة إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة.
الترحيب بالفكرة في البداية ولكن
أما بالنسبة للمواطنين فرحبوا بالفكرة في البداية لكن سرعان ما بدأت تظهر السلبيات التي زادت من معاناتهم.
يقول ماجد العلي( وهو اسم مستعار لنازح يقيم في مخيمات دير حسان شمال إدلب) إن الربط الاقتصادي بين تركيا والشمال السوري كان ظالماً، لأنه كان يجب عند استبدال العملة، تحديد أجور العمال والموظفين في الشمال السوري بأجور مشابهة للعمال والموظفين في تركيا.
ويضيف العلي أن العامل في تركيا يتقاضى أجر يومي يتراوح بين 70 إلى 100 ليرة تركية، بينما العامل في الشمال السوري يتقاضى أجر يومي يتراوح بين 10 إلى 30 ليرة تركية فقط.
ويشير العلي أن المشكلة الأكبر هي وجود فئات كثيرة في الشمال السوري لا يزالون يتقاضون أجورهم بالليرة السورية مثل الموظفين في مؤسسات حكومة النظام، والمتقاعدين وغيرهم، الذين تضرروا كثيراً جراء استبدال التعامل بالليرة التركية.
وينوه العلي أن أسعار السلع اليومية للمواد الغذائية والتموينية وغيرها من البضائع ارتفعت بشكل كبير بعد التعامل بالليرة التركية.
ويوضح العلي أن التجار في الشمال السوري استغلوا فرصة اعتماد الليرة التركية بالتعاملات اليومية لزيادة أرباحهم، حيث ترتفع الأسعار بشكل جنوني مع ارتفاع قيمة الليرة التركية، بينما لا تنخفض تلك الأسعار مع انخفاض قيمة الليرة التركية، مشيراً إلى أن ذلك جعل المواطن يتحمل أعباء ومصاريف إضافية.
ويضيف العلي أن العائلة التي كانت تكفيها 10 آلاف ليرة سورية يومياً، تحتاج حالياً إلى 60 ليرة تركية على الأقل، أي نحو 20 ألف ليرة سورية.
الـتأثير على الواقع المعيشي
بدوره يرى إسماعيل الخالد ( وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة إدلب) أن الواقع المعيشي قبل البدء بالتعامل بالليرة التركية كان أفضل بكثير، في ظل عدم وجود جهة رقابية تضبط الأسعار وتضع حد لجشع بعض التجار.
ويضيف الخالد، أن أسعار المحروقات والأدوية والخدمات مثل الانترنت والمواصلات وغيرها تعتبر مرتفعة بحجة ارتفاع صرف الدولار.
ويضيف الخالد، أن محلات الصرافة باتت لا تتعامل نهائياً بالليرة السورية، لافتاً إلى أنه من الخطأ استمرار التعامل بالليرة التركية لفترة طويلة وإهمال التعامل بالليرة السورية.
يذكر أن غالبية الموظفين في الشمال السوري يتقاضون رواتبهم بالدولار الأمريكي، ويتراوح رواتب الموظفين في الشمال السوري، بين 100 و300 دولار أمريكي، في قطاع المؤسسات الرسمية، أما موظفو المنظمات الإنسانية فتتراوح رواتبهم بين 250 و600 دولار أمريكي.
يشار إلى أن رواتب المسؤولين في حكومتي "الإنقاذ" و"المؤقتة" تبلغ أكثر من 1000 دولار أمريكي، فيما تعتبر أجور العمال الأكثر تدنياً، وتقدر نسبة من يتقاضون رواتبهم بالليرة التركية في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" بإدلب وريفها بحوالي 50 بالمئة، وترتفع هذه النسبة لأكثر من 80 بالمئة ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية الموالية لتركيا في ريف حلب الشمالي.
التعليقات