متجر سلاح في إدلب- مصدر الصورة: عنب بلدي
ليث المحمد-إدلب/ ايزدينا
وتلعب عدة أسباب في انتشار هذه الظاهرة، أبرزها هو الفوضى وعدم وجود جهة قادرة على منع اقتناء السلاح، فرغم وجود العديد من القرارات الصادرة عن جهات تسيطر على المنطقة، إلا أنها لم تحد من انتشار السلاح بين المدنيين.
يقول عبد الجليل الحسين( وهو اسم مستعار لناشط صحفي من مدينة إدلب) لموقع ايزدينا، إن بداية انتشار السلاح بيد المدنيين كان مع سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على كامل محافظة إدلب في عام 2015، وأن الفوضى العارمة بعد سيطرة تلك الفصائل على إدلب ساهمت بشكل كبير في انتشار السلاح بيد المدنيين، حيث افتتحت في تلك الفترة الكثير من محلات بيع الأسلحة دون أي رقابة.
ويضيف الحسين أن ذلك ساهم بتسهيل وصول السلاح إلى يد المدنيين، كما أن تزايد كميات الأسلحة في المنطقة بشكل عام ساهم بتخفيض أسعارها تدريجياً، الأمر الذي دفع الكثير من المدنيين لاقتناء السلاح الفردي لأهداف وغايات مختلفة.
ويشير الحسين أن الانفلات الأمني الذي نتج عن غياب قوة تضبط الأمن في المنطقة، وانتشار حالات السرقة والخطف وغيرها، دفع البعض لاقتناء السلاح للدفاع عن النفس، فيما تم اقتناءه من قبل آخرين للتفاخر بالسلاح وجعله وسيلة للانتقام، إضافة لاستخدامه في المناسبات الاجتماعية مثل الأفراح واستخدامه أيضاً في الخلافات الشخصية.
قرارات بدون فائدة
ويذكر الحسين صدور العديد من القرارات المتعلقة باقتناء الأسلحة من قبل "هيئة تحرير الشام"، حيث صدرت قرارات لترخيص محلات بيع الأسلحة، وقرارات أخرى تمنع إطلاق النار في المناسبات، لكن ذلك كله لم يغير من الواقع واستمر وجود كميات كبيرة من الأسلحة الفردية بيد فئة كبيرة من المدنيين رغم ارتفاع سعره بشكل كبير، ورغم إغلاق عدد من المحلات.
ويؤكد الحسين أن الانتشار العشوائي للسلاح ساهم في حدوث حالات خطف وسرقة وسطو مسلح وقتل متعمد أو غير متعمد، ما خلق حالة من الفوضى والانفلات الأمني في المنطقة، حيث تم توثيق مئات الضحايا والجرحى جراء الاستخدام الخاطئ للسلاح منذ بداية عام 2015.
من جهته يؤكد مروان الدغيم (وهو اسم مستعار لمدير أحد مخيمات منطقة أطمة في ريف إدلب الشمالي) أن مخيمات النزوح الواقعة على الشريط الحدودي مع تركيا لم تسلم من انتشار السلاح العشوائي، مشيراً إلى أن غالبية الذين يقتنون الأسلحة هم من المدنيين وليس لهم علاقة بأي فصيل، حيث يتم استخدام الأسلحة في حالات الشجار والخلافات وأثناء المناسبات، حيث باتت ظاهرة تؤرق النازحين بشكل كبير.
ازدياد حالات الانتحار
ويضيف الدغيم أن حالات استخدام السلاح في المخيمات تحدث بشكل أسبوعي، وباتت تشكل خطراً على حياة النازحين، لافتاً إلى انتشار العديد من الظواهر الخطرة بسبب كثرة وجود السلاح، وخاصة ازدياد حالات الانتحار في مخيمات الشمال السوري، إضافة لازدياد حالات السرقة والقتل.
ومنذ بداية العام الجاري 2021، تم رصد نحو 30 حالة سرقة و4 حالات إصابة جراء استخدام السلاح بالمناسبات أو بإطلاق النار عن طريق الخطأ في تجمع مخيمات "أطمة" الذي يتضمن نحو 60 مخيماً.
ويشير الدغيم أن سكان المخيمات طالبوا الجهات المعنية عدة مرات بضرورة وضع حل جذري لظاهرة انتشار السلاح دون جدوى، لافتاً إلى وجود أكثر من 6 محلات لبيع الأسلحة في منطقة "أطمة" وحدها، حيث يتم بيع المسدسات والرشاشات المتوسطة.
وينوه الدغيم أنه رغم الأسعار المرتفعة للأسلحة إلا أن هذه المحلات تشهد إقبالاً كبيراً، مضيفاً أن خطر انتشار السلاح بشكل عشوائي يزداد يوماً بعد آخر، دون وجود بوادر لحل المشكلة.
ويؤكد الدغيم ضرورة الحد من انتشار السلاح وإبعاده عن المدنيين بشكل عام في الشمال السوري وعن المخيمات على وجه الخصوص لما تشهد من ازدحام سكاني كبير، يساهم في زيادة خطر انتشار الأسلحة العشوائية.
مظاهر انتشار السلاح العشوائي
بدوره يسرد موفق العلي ( وهو اسم مستعار لنازح من بلدة مورك في ريف حماة الشمالي ويقطن في مخيمات دير حسان في ريف إدلب الشمالي) عن بعض مظاهر انتشار السلاح، قائلاً إنه بتاريخ 10 آذار/ مارس 2021، شهدت أحد مخيمات منطقة دير حسان في ريف إدلب الشمالي، خلافاً بين أسرتين من النازحين ضمن المخيم، على إثر اتهام أحد أفراد الأسرة بسرقة مبلغ مالي، ما تسبب بخلاف تطور لاستخدام السلاح الخفيف نتج عنه إصابة 8 أشخاص من الطرفين، لتتدخل بعدها وساطات عشائرية لحل الخلاف بينهما بعد عدة أيام.
ويضيف العلي أنه بتاريخ 15 شباط/ فبراير 2021، أن إحدى النساء النازحات من ريف إدلب الجنوبي والتي كانت تقطن مع زوجها في مخيمات دير حسان، قامت بإطلاق النار على زوجها إثر رؤيتها لمحادثات له عبر "الواتس آب" مع فتاة أخرى، ما تسبب بخلاف بينهما، فقامت بإطلاق النار عليه باستخدام بندقية روسية كان يقتنيها الزوج في الخيمة، ونقل على إثرها إلى المشفى وتم إجراء عملية جراحية له لإخراج الطلق الناري من قدمه.
ويشير العلي إلى أن الأطفال دون سن 18 عاماً أصبحوا يقتنون السلاح دون أي رادع من الأهل أو تحرك من الجهات المسؤولة التي باتت عاجزة عن ضبط هذه الظاهرة، مضيفاً أنهم يشاهدون بشكل دائم أطفال يطلقون النار من الأسلحة أثناء الاحتفالات وبمناسبات الخطوبة والزواج، إضافة لقيام الأهل بترك السلاح في متناول أفراد الأسرة في الخيمة أو المنزل.
أطفال يقتنون الأسلحة
ويقول العلي إن هذه الظاهرة كانت شبه معدومة قبل بداية الأحداث في سوريا، حيث كانت حالات القتل عن طريق الخطأ أو إطلاق النار في المناسبات قليل جداً، مقارنة لما وصل به الحال في الآونة الأخيرة، مشيراً إلى أن السلاح بات يباع كأي سلعة أخرى في المحلات وبأسعار مقبولة للكثير من المدنيين، إضافة للتهاون الكبير في استخدامه لأتفه الأسباب، نتيجة غياب دور الجهات الأمنية في منع استخدام السلاح، أو وضع قوانين تحد من انتشاره على أقل تقدير.
ويؤكد العلي ضرورة زيادة الوعي لدى الأهالي بخطورة انتشار ظاهرة السلاح بيد المدنيين، ومنع اقتناءه على الأقل للأطفال دون سن 18 عاماً، وتجريم ومعاقبة أصحاب المحلات التي تبيع دون ضوابط وقوانين محددة، ومنع استخدام السلاح في المناسبات، من أجل المساهمة في الحد من انتشاره بشكل نسبي.
التعليقات