شاحنات تركية تدخل الأراضي السورية من معبر باب السلامة حزيران 2021- مصدر الصورة: عنب بلدي
فادي الأسمر-إدلب/ ايزدينا
لم تتوقف حركة استيراد البضائع التركية على المعابر الحدودية في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا بريف حلب الشمالي منذ سنوات عديدة، وكانت العادة سابقاً أن تقوم الشاحنات التركية بتوصيل البضائع للمعابر ومن ثم تقوم شاحنات يملكها سوريون بنقلها من تركيا إلى التجار والأسواق في ريف حلب الشمالي.
لكن وبسبب قرار تركي، توقفت سيارات الشحن التي يملكها السوريون عن العمل، حيث قضى القرار بدخول الشاحنات التركية إلى داخل الأراضي السورية لتوصيل البضائع، ما تسبب بتوقف أعمال الآلاف من أصحاب السيارات الشاحنة ومنع مصدر رزقهم الوحيد.
وأكدت مصادر محلية لموقع ايزدينا، أن نحو ثلاث آلاف سيارة شحن متوقفة حالياً عن العمل في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، حيث مضى على توقفها عن العمل نحو عام كامل بسبب القرار التركي الذي سمح بموجبه لأصحاب السيارات من الجنسية التركية بالدخول إلى سوريا لتوصيل البضائع.
وكان أصحاب السيارات الكبيرة المخصصة للشحن يعتمدون في إيصال تلك المواد إلى الداخل السوري كمصدر دخل أساسي ووحيد لهم، ويبلغ تكلفة شراء الشاحنة الواحدة منها نحو 15 ألف دولار أمريكي، ولأن هذه السيارات توقفت عن العمل لمدة طويلة بدأت بالاهتراء والصدأ، واضطر عدد كبير من مالكي هذه السيارات لبيع أجزاء منها كقطع تبديل لسداد احتياجاتهم اليومية.
وتشير المصادر، أن غالبية أصحاب ومالكي هذه السيارات المتوقفة عن العمل هم من النازحين والمهجرين في مناطق ريف حلب الشمالي، ولا يوجد لديهم مصادر دخل أخرى، ويشتكون حالياً من تردي أوضاعهم المعيشية وعدم قدرتهم على دفع إيجارات منازلهم أو شراء مستلزمات عائلاتهم، ويطالبون بشكل دائم بإيجاد حل يعيد عمل سياراتهم ومنع السيارات التركية من الدخول لتحل محل سياراتهم وتمنع مصدر رزقهم.
يقول مهند اليوسف ( وهو اسم مستعار لشاب يملك سيارة شحن في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي) لموقع ايزدينا، إن عمله توقف بسبب إصدار إدارة معبر "باب السلامة" من الجانب التركي قراراً يقضي بمنع دخول الشاحنات السورية إلى داخل الأراضي التركية والسماح بالمقابل للشاحنات التركية بالدخول إلى الأراضي السورية لنقل البضائع بين تركيا وسوريا.
واليوسف هو مهجَّر من مدينة حمص ويقطن مع أسرته المؤلفة من ستة أفراد في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، حيث اشترى سيارة شحن كبيرة بالشراكة مع أحد أصدقاءه قبل عامين وبدأ يعمل عليها على معبر "باب السلامة" الحدودي مع تركيا ولكن عمله لم يدم طويلاً بسبب القرار التركي.
ويضيف اليوسف أنه ومنذ صدور القرار وسيارته متوقفة عن العمل حيث يركنها على حافة أحد الطرقات دون حركة، وقام مؤخراً بعرضها للبيع بمبلغ 12 ألف دولار، رغم أن ثمنها الحقيقي يفوق 18 ألف دولار، لكنها باتت غير مرغوب بها بسبب عدم عملها.
ويشير اليوسف أن عمله على الشاحنة كان مصدر دخل له ولأسرته، وأنه منذ توقف عمله يعيش ظروف مادية صعبة، حيث يسعى حالياً مع بقية مالكي الشاحنات لمطالبة الجانب التركي بإعادة السماح لهم بالعمل، لأن المتضررين الوحيدين هم أصحاب الشاحنات فلم يتأثر باب السلامة وكذلك لم يتأثر التجار بالقرار.
وعلى مدار عام ونصف ومنذ مطلع شهر آذار/ مارس 2019، لا تزال معاناة أصحاب هذه الشاحنات مستمرة، وقد حاولوا في العديد من المرات التظاهر والاعتصام عند معبر "باب السلامة" في محاولة منهم لإعادتهم للعمل لكن دون جدوى.
ونظم أصحاب الشاحنات بتاريخ 12 حزيران/ يونيو 2021 مظاهرة حاشدة عند معبر "باب السلامة" للمطالبة بحقوقهم وللتنديد بوقف عملهم من قبل تركيا والتعبير عن رفضهم أن تحل السيارات التركية محل سياراتهم في سوق العمل، لكن جميع محاولاتهم باءت بالفشل، بسبب عدم رغبة المسؤولين الأتراك الاستجابة لطلباتهم، حيث يعدونهم في كل مرة بقرب التوصل لحل لمشكلتهم.
واضطر نحو 500 شخص من مالكي هذه الشاحنات إلى بيع شاحناتهم بأقل من نصف ثمنها، بحسب مصادر محلية، بسبب تردي أوضاعهم المعيشية.
وتكلف أجور الشاحنات التركية التي تقوم بجلب بضائع تركية وتوصيلها للتجار المحليين، مبالغ أكثر من أجور الشاحنات السورية، الأمر الذي يزيد العبء على المواطنين أيضاً الذين يدفعون ثمن هذه الزيادة عند شرائهم البضائع التركية.
الجدير بالذكر أن تركيا تحاول السيطرة على اقتصاد مناطق فصائل المعارضة السورية الموالية لها للاستفادة من هذه المناطق بما يخدم مصالحها، حيث باتت هذه المناطق مرتعاً للشركات التركية التي تضع يدها على خدمات الكهرباء والانترنت وكل مرافق الحياة.
التعليقات