فادي الأسمر- إدلب/ إيزدينا
في الوقت الذي تُظهِرْ كل من "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل المعارضة السورية التي تعرف باسم "الجيش الوطني السوري" الموالية لتركيا، أنهما على عداء وتباعد كبير في التوجهات والأهداف، هناك جهود حثيثة تبذل خلف الكواليس من قبل الطرفين للتوصل إلى تفاهمات وتقريب وجهات النظر ومحاولة التنسيق أو لربما اندماج عسكري بين الطرفين.
وبحسب مصادر خاصة لموقع ايزدينا، فإن أول اجتماع من نوعه جرى بين الطرفين كان في قرية "الزنبقي" في منطقة جسر الشغور بريف إدلب الغربي وذلك منتصف شهر آذار/ مارس من العام الجاري 2021، حيث ضم الاجتماع عدداً من قياديي "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) منهم القيادي "أبو خالد تفتناز" وآخر يدعى" أبو إسلام الحموي" وعدد من قياديي فرقة "السلطان سليمان شاه" التابعة لما يسمى "الجيش الوطني" الموالي لتركيا.
وأضافت المصادر، أن الاجتماع الثاني بين الطرفين عقد في بلدة الراعي بريف حلب الشمالي بتاريخ 5 أيار/ مايو 2021 وضم قيادات من عدة فصائل موالية لتركيا مثل فصائل "فيلق الشام" و"فرقة السلطان سليمان شاه" و"فرقة السلطان مراد" وقيادات من "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، وتلى ذلك الاجتماع عدة زيارات لقيادات من الطرفين.
وأشارت المصادر أن عدة مواضيع تم مناقشتها خلال هذه الاجتماعات واللقاءات من أهمها ملف خلايا تنظيم "داعش" وتنسيق العمل بين الطرفين من أجل ملاحقتهم في المنطقتين، إضافة لمحاولة تقريب وجهات النظر حول الدور التركي في المنطقة، كما جرى الحديث عن إمكانية اندماج عسكري وسياسي لم يتبين طبيعته بعد.
يقول محمود شقير ( وهو اسم مستعار لصحفي في ريف حلب الشمالي) لموقع ايزدينا، أن "الجيش الوطني" بات ينظر مؤخراً إلى "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) على أنها طرف قوي ومن الضروري أن يكون هناك تنسيق وتعاون معها، وكذلك تركيا التي تزعم محاربتها للجماعات المتشددة فإنها أيضاً تسعى بأن يكون هناك توافق مع "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً).
ويضيف شقير أنه ليس من المستبعد أن يكون هناك شبه اندماج عسكري وتوحيد للحكومتين "المؤقتة" و"الإنقاذ" في كل من إدلب وريفها وريف حلب الشمالي، لافتاً إلى أن "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) تسعى لمثل هذا التقارب بسبب حاجتها لاعتراف تركي يساعدها على إزالة اسمها من لوائح الإرهاب.
ويوضح شقير، أن الطرفين متفقان على أن الوضع العسكري والمدني في الشمال السوري بات يفرض عليهما الاتفاق وإنهاء الخلافات، وذلك بسبب وجود التهديد الروسي ودعمه للنظام بهدف إتمام السيطرة على الشمال السوري، فضلاً عن تردي الأحوال المعيشية في المنطقة وضرورة وجود حلول اقتصادية لرفع مستوى المعيشة.
ويؤكد شقير أنه ورغم عدم وجود دلائل واضحة على التوافق بين "هيئة تحرير الشام"(جبهة النصرة سابقاً) وفصائل "الجيش الوطني" بشكل نهائي، إلا أن ذلك يبقى خياراً مطروحاً ومحتملاً، فقد لوحظ خلال الأشهر القليلة الماضية تغيرات في العلاقة بينهما باتجاه التحسن بعد أن كانت قائمة على الخلافات.
وبحسب مصادر محلية فإن "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) أجرت الكثير من التعديلات على أنظمتها والتي باتت تشبه أنظمة فصائل "الجيش الوطني" وخاصة، عدم فيما يتعلق بعدم وجود عناصر ملثمة على الحواجز إلا في أماكن قليلة جداً.
كما قامت الهيئة مؤخراً بتوكيل شركة دعائية لإزالة اللافتات والصور الإسلامية في الشوارع، وباتت تتساهل مع المدنيين في خطوة تدل على تغيرات تجريها الهيئة لسياستها بما يتماشى مع الواقع.
وأوضحت تلك المصادر أن هذه الخطوات تضمنت أيضاً، ترخيص بعض المحلات التي كانت ممنوعة شرعاً والسماح بها مثل محلات تقديم الأركيلة "الشيشة"، وإنهاء تواجد فصيل "جنود الإسلام" وهو فصيل متشدد معظم عناصره من الشيشان، والإعلان مؤخراً عن عفو عام عن عشرات المعتقلين، والعديد من الخطوات التي تهدف إلى التقارب والتشابه بها مع فصائل "الجيش الوطني".
الجدير بالذكر أن خلافات قديمة حصلت بين "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل عديدة من "الجيش الوطني"، مثل "فرقة السلطان سليمان شاه" والتي كانت سابقاً تحمل اسم "لواء خط النار" إضافة لعدد من فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير"، وفصيل "فيلق الشام" الذي يعد من أبرز الفصائل الموالية لتركيا.
التعليقات