فادي الأسمر- إدلب/ ايزدينا
في محاولة منها لكسب الحاضنة الشعبية، ومنع خروج مظاهرات تندد بسياستها تجاه المدنيين المقيمين ضمن مناطق سيطرتها، أرسلت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) رسائل إلى عددٍ من شيوخ العشائر في إدلب وريفها تطالبهم فيها بالتدخل لمنع المدنيين من التظاهر.
وأفادت مصادر خاصة لموقع ايزدينا، أن الرسائل التي أرسلتها "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) عبر أشخاص وسطاء زاروا مؤخراً عدداً من شيوخ العشائر في المنطقة، حملت تهديدات من قبل الهيئة باعتقال كل من يتظاهر ضدها بتهمة التحريض على من أسمتهم بـ "المجاهدين" وتأجيج الرأي العام ضدهم.
وأضافت المصادر أن الرسائل تضمنت أيضاً استياء الهيئة من الشيوخ لعدم قدرتهم على ضبط الشارع والتأثير على المدنيين.
وكشفت المصادر أن ردود غالبية الشيوخ أظهرت بأنهم لا يستطيعون منع المدنيين من الخروج للتعبير عن آرائهم، وأن منع التظاهر سيكون له عواقب سلبية في المنطقة.
وتابعت المصادر أن الشيوخ طالبوا الهيئة بالتعاون والتساهل مع المتظاهرين وعدم منعهم من التعبير عن آرائهم حقناً للدماء وللحفاظ على السلم وعدم الانجرار وراء الخلافات، فيما لم ترد "هيئة تحرير الشام" على مطالبهم حتى اللحظة، بحسب تلك المصادر.
لماذا تمنح الهيئة الامتيازات للشيوخ؟
وقال إياد حسون ( وهو اسم مستعار لناشط صحفي من مدينة إدلب)، لموقع ايزدينا، إن "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) تحاول منذ عامين الاعتماد على العشائر وشيوخها في بسط نفوذها وتقوية شكوتها في المنطقة من خلال منحهم بعض الامتيازات في المعاملات المؤسساتية لكسب ثقتهم ومساعدتها في أن يكون لها سلطة أقوى على الأرض.
وأضاف حشون أن الطابع العشائري في المنطقة يقلص قدرة الهيئة على التحكم بالمدنيين، واصفاً ذلك بالقول: "بمجرد أن ترتكب الهيئة انتهاكاً ضد مدني فإنها تتخوف من ردة الفعل من قبل أفراد عشيرته".
وأشار حسون أن منح الهيئة بعض الامتيازات لشيوخ العشائر والمقربين منهم مثل "إعفاءهم من دفع رسوم ترخيص السيارات، وتخصيص كميات من المواد الغذائية لهم عند تقديمها من قبل المنظمات، وعدم ملاحقة المدنيين دون العودة لشيخ العشيرة الذي ينتمي إليها وغيرها من الامتيازات"، هدفها كسب ود الشيوخ.
ولفت حسون أن إيعاز الهيئة لهذه العشائر بضرورة وقف المظاهرات التي تخرج بين فترة وأخرى منتقدة سياسات الهيئة في المنطقة، تأتي في إطار الضغط على المدنيين لإسكاتهم.
ما هو تأثير المظاهرات على الهيئة؟
وذكر حسون أن المظاهرات التي يشارك فيها المدنيون تؤثر على هيبة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) أمام أنصارها، وتعتبر عامل ضغط لتحسين تعامل الهيئة مع المدنيين والامتثال لرأيهم؛ وهو ما يزعج الهيئة التي تحاول اسكات صوت المعارضين لها بشتى الوسائل.
وأضاف حسون أنه الهيئة عمدت في الآونة الأخيرة إلى التصعيد ضد المدنيين ولم تعد تتهاون معهم عبر فرض نفسها وسياساتها في المنطقة.
وتوقع حسون أن يزداد التصعيد من قبل المدنيين عبر الخروج في مظاهرات خلال الفترة القادمة إذا لم تخضع "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) لمطالب الشارع بمساعدتهم وعدم فرض الضرائب عليهم وتحسين الواقع المعيشي، إضافة للرد على قصف قوات النظام الذي يطال المنطقة بشكل شبه يومي.
ووفق مصادر خاصة لموقع ايزدينا، فإن رسائل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وصلت لشيوخ عشائر وقبائل كل من "العقيدات، الأمار، الموالي، بني خالد، الويسات، الحديد وغيرهم من ممثلي العشائر والقبائل".
لماذا يتوقع المدنيون استمرار المظاهرات ضد الهيئة؟
بدوره توقع الشاب عبود الحمد ( وهو أحد سكان مخيمات دير حسان بريف إدلب الشمالي)، استمرار المظاهرات ضد الهيئة حتى إن تعاون شيوخ العشائر معهم، لأن المدنيين وصلوا لحالة يرثى لها بسبب الفقر والتضييق الذي يمارس عليهم.
وأضاف الحمد أن الشيوخ الموالين لـ "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) لا يتضررون من ممارساتها لأنهم يتنعمون بالولائم التي تكلف كل واحدة منها عشرات آلاف من الدولارات، بينما لا يجد المدني النازح في المخيمات ما يسد به رمق عائلته.
وأشار الحمد أن شيوخ العشائر لم يعد يمثلون شريحة واسعة من المدنيين في الشمال السوري، في ظل انتقاد المدنيين للشيوخ بسبب موالاتهم للفصائل بشكل عام، ولعدم تقديمهم أي خدمات تذكر لأبناء عشائرهم.
يشار إلى أن "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) تسيطر على مساحات واسعة من إدلب وريفها إضافة لأجزاء من ريف حلب الغربي وريف حماة الغربي، وتعرف بتسلطها على قوت المدنيين ضمن مناطق نفوذها وفرضها للضرائب والإتاوات وقمع حرية التعبير وغيرها من التجاوزات.
التعليقات