ليلوز بدري- قامشلو/ ايزدينا
يحلم آرا كشيشيان، بالعودة إلى مسقط رأسه، في مدينة سري كانيه/ رأس العين المحتلة، بعد خروج قوات الاحتلال التركي وفصائل المعارضة المتشددة الموالية لها، وعودة السلام إلى المنطقة عموماً.
وآرا كشيشيان، هو أحد أبناء المكون الأرمني في مدينة سري كانيه/ رأس العين، ويعرف عنه بأنه أول من أدخل كاميرة التصوير إلى المدينة.
يبلغ كشيشيان من العمر (66 عاماً)، نشأ وترعرع في حي العبرة بمدينة سري كانيه / رأس العين، تزوج عام 2006، ولديه طفلان.
امتهن كشيشيان العديد من المهن والحرف بينها مهنة الخياطة التي عمل فيها لسنوات عديدة، وفي الثمانينات من القرن الماضي، كان أول من أدخل كاميرة التصوير إلى مدينته سري كانيه / رأس العين.
انتسب في بداية شبابه إلى الحزب الشيوعي، وعمل في أرضه الزراعية أمام منزله في حي العبرة القريبة من الحدود التركية لسنوات طويلة.
مضايقات مع بداية الأحداث
يقول كشيشيان، لموقع ايزدينا، أنه تعرض للعديد من المضايقات والتهديدات من قبل عناصر استخباراتية تابعة للدولة التركية قبل أحداث عام 2012، كما تعرض لعدة محاولات اغتيال من قِبَلِهم، ولكنه لم يخبر أحداً من عائلته بهذه التهديدات.
وكان كشيشان يملك قطعة أرض تبلغ حوالي 20 دونماً، إضافة إلى منزله وممتلكاته، ولكن فصائل المعارضة المسلحة استولت على كل أملاكه بعد احتلال المنطقة من قبل تركيا.
ويضيف كشيشيان أن الفصائل العسكرية التي حملت أسماء "الجيش الحر وجبهة النصرة" في مدينة سري كانيه / رأس العين بعد عام 2012، قامت بتهديده عدة مرات، مشيراً إلى أنه بسبب الضغوطات والمضايقات المستمرة عليه عبر فرض ضرائب مبالغ والاستيلاء على ممتلكاته من قبل تلك الفصائل، اضطر للهرب مع عائلته إلى مدينة الحسكة ومن ثم إلى مدينة قامشلو/ القامشلي في عام 2013، لتسنح له الفرصة بالذهاب إلى أرمينيا.
الظروف المعيشية الصعبة أجبرت كشيشيان على تعلم مهنة إصلاح مدافئ الحطب والعمل بها، وبعد العمل في أرمينيا لمدة عامين لجأ إلى أوروبا.
استقر كشيشيان مع عائلته في قرية تبعد عن برشلونة التابعة لمقاطعة كتالونيا في إسبانيا بنحو 15كم، وذلك بعد صعوبات واجهها في دخول الأراضي التركية والعبور إلى اليونان ومنها إلى أوروبا.
التنوع العرقي والأثني في سري كانيه
يسرد كشيشيان في حديثه لموقع ايزدينا، كيف نشأ وترعرع في حي "العبرة" بمدينة سري كانيه/ رأس العين، لافتاً إلى أن الحي سمي بهذا الاسم، بسبب تنوع مكونات الحي من الأرمن والكرد والعرب والشيشان والسريان والأشور والكلدان إضافة إلى العديد من الأصول الاجتماعية بينها الأغوات والباشاوات.
ويضيف كشيشيان أن ما كان يميز مدينته سري كانيه/ رأس العين، أنهم كانوا كعائلة واحدة لم يميزوا بين إيزيدي أو سرياني أو عربي أو غيره من مكونات المنطقة، وأن نتيجة العلاقات الاجتماعية والتعايش المشترك بينهم، كان الجميع يتعايشون كإخوة ضمن عائلة واحدة.
ويجيد كشيشيان التحدث بعدة لغات، وهي لغته الأم "الأرمنية"، والذي درسها في مدرسته الابتدائية وكان يتكلم بها في منزله، إضافة إلى اللغات الكردية والعربية والإسبانية والإنكليزية والتركية.
ويتابع كشيشيان أن الروابط الاجتماعية بين أبناء المنطقة من مختلف المكونات، كانت تظهر في الأعياد والمناسبات وخلال زيارتهم لمنازل جيرانهم وأصدقائهم من كافة الأطياف لمباركتهم في أعيادهم ومناسباتهم.
تبدل الأحوال في سري كانيه
ولفت كشيشيان إلى أن هذه الأحول تبدلت، حيث تهجر معظم سكان المنطقة الأصليين وتم توطين غرباء فيها، بعد سيطرة الفصائل المسلحة التي كانت تعرف سابقاً بـ "الجيش الحر"، ثم تغيرت تسمياتها عدة مرات، إلى أن أصبحت تابعة للقوات التركية المحتلة.
وذكر كشيشيان أن تلك الفصائل الموالية لقوات الاحتلال التركي مارست الانتهاكات بحق أبناء المدينة بجميع أنواعها، ما اضطر سكان المنطقة للنزوح والهرب إلى المناطق الآمنة، وأن من بين من نزح من تلك المناطق، أشخاص وقفوا في البداية مع الثورة السورية، ومع ما كان يسمى "الجيش الحر".
وعبر آرا كشيشان مع بداية العام الميلادي الجديد (2022) عن أمنياته بأن يعم السلام والعدالة والمساواة في المنطقة بعد سنوات من الحرب التي أتعبت سكان المنطقة وخاصة الفقراء منهم، وأن يعود الأمان لسوريا، وتخرج دولة الاحتلال التركي والفصائل المسلحة المتشددة من كل المناطق المحتلة ومن بينها مدينته سري كانيه/ رأس العين، ليتمكن من العودة مع عائلته إلى منزله وأرضه، لافتاً إلى أنه مهما طالت سنوات غربته في البلاد الأوروبية، لن يتخلى عن عاداته وتقاليده التي نشأ وتربى عليها وسيعود إلى أرض آبائه وأجداده.
التعليقات