زين العابدين حسين-حلب/ ايزدينا
قال كتاب وإعلاميون وناشطون ينحدرون من مدينة عفرين المحتلة، إن قرار إعادة اللاجئين السوريين من تركيا وتوطينهم في الشمال السوري، يهدف إلى تغيير ديموغرافية المنطقة بما يناسب المخططات التركية، وسيخلق مشاكل بين أبناء المكونات في المنطقة مستقبلاً.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن عن مشروع لإعادة توطين مليون لاجئ سوري في مناطق تحتلها تركيا وفصائل المعارضة السورية الموالية لها، وذلك تحت بند أسماه بـ "العودة الطوعية"، خلال رسالة مصورة له تم عرضها في مدينة إدلب السورية بحضور وزير الداخلية التركي سليمان صويلو في 3 أيار/ مايو الجاري.
وأفاد الكاتب والسياسي بير روستم لموقع ايزدينا، أن ما تريد أن تقوم به تركيا وحكومة العدالة والتنمية هي ليست إعادة مليون ونصف من المهجَّرين أو المهاجرين كما كانوا يسمونهم؛ وذلك في استعادة تاريخية لحكاية الأنصار والمهاجرين مع بدايات الرسالة المحمدية، لأن العودة تعني أن تعود إلى منزلك وقريتك ومدينتك وليس إلى منازل ومناطق وبلدات الآخرين محتلاً!.
وأضاف روستم أن المشروع بالتالي هو عملية توطين واستيطان لهؤلاء في جغرافية الشمال السوري بهدف إجراء تغيير ديموغرافي ثقافي في تلك المناطق، وإنشاء حاجز بشري من المكونين العربي والتركماني، ليس فقط بين المناطق الكردية بهدف الوقوف في وجه تشكيل أي كيان كردي في "روجآفا" سوريا مستقبلاً، بل كذلك بين الكرد في طرفي الحدود السورية التركية، بحيث يصبح المشروع عائق وحاجز بشري ثقافي بين الطرفين.
هدف تركيا من المشروع
وأشار روستم أن إخراج اللاجئين السوريين من تركيا وتوطينهم في الشمال، سيؤدي لرفع رصيد أردوغان الانتخابي من خلال مجاراة المناخ العنصري المناوئ للوجود السوري في تركيا، وبالتالي سيكون قد وجَّه ضربة قوية لما يمكن أن يشكل تهديداً لتركيا من بلورة كيان سياسي كردي يصل إلى البحر ويصبح البديل عنها بخصوص إيصال الطاقة من الشرق للغرب كما لمحت إليه بعض الجهات الدولية، وبنفس الوقت يخلصه من موضوع اللاجئين والمهجرين إلى تركيا.
وقال الكاتب بير روستم إن على القوى الوطنية السورية والكردية بالأخص، التصدي لهذه السياسة العنصرية والتي ستكون لها عواقب وخيمة على الجميع، ليس فقط على الكرد عبر تغيير ديموغرافية المنطقة، بل على سوريا بشكل عام وعلى المستوى الإقليمي، حيث ستكون بداية لأزمات وتوترات وصراعات داخلية أعمق بين مكونات المنطقة وخاصة بين الكرد والعرب.
وأضاف روستم أن على الجميع التحرك ومن ضمنهم الدول العربية من أجل الوقوف في وجه المشروع التركي "الإخواني الأردوغاني".
وكان الرئيس التركي قال في كلمته إن المشروع سينفذ بدعم من منظمات مدنية تركية ودولية، في 13 منطقة سورية وفي مقدمتها جرابلس وإعزاز والباب وكري سبي/ تل أبيض وسري كانيه/ رأس العين، بالتعاون مع المجالس المحلية التي شكلتها تركيا في تلك المناطق بعد احتلالها.
بدوره قال الإعلامي نورهات حسن لموقع ايزدينا، إن المشروع التركي له تأثير سلبي كبير على ديمغرافية المنطقة، وخاصة في حال عودة المهجرين من المناطق المحتلة إلى منازلهم وأراضيهم وقراهم في ظل إعادة توطين مهجرين آخرين من مناطق سورية أخرى في تلك المناطق.
وأضاف حسن أن عودة المهجرين إلى منازلهم وقراهم، وتوطين لاجئين في تركيا بتلك المناطق سيؤدي إلى حدوث مشاكل وشجارات ومعارك بين الطرفين مستقبلاً.
خلق حاضنة شعبية لتركيا في المنطقة
وأشار حسن أن تركيا تريد أن تخلق لنفسها حاضنة شعبية في الشمال السوري، وأن ذلك هو أحد الأهداف الرئيسية لإجراء التغيير الديمغرافي في المنطقة.
وذكر حسن أن بناء المستوطنات في الداخل السوري، ستكون على أراضي يملكها مهجرون من تلك المنطقة، وبالتالي يعتبر المشروع انتهاك لحقوق المدنيين.
وتابع حسن أن المجتمع الدولي والجامعة العربية لا تنظر للمشروع وفق هذه الرؤية، لافتاً إلى أن دول الجامعة العربية لديها مواقف ازدواجية فهي ترفض بناء المستوطنات الإسرائيلية مثلاً، ولكنها تغض النظر عن بناء تركيا للمستوطنات في الشمال السوري.
وأوضح حسن أن مهجّري منطقة عفرين لن يستطيعوا العودة لمنازلهم وقراهم في ظل الوضع المفروض على المنطقة، ولكن من الممكن أن يعودوا بعد إخراج المسلحين والمستوطنين من سكان الغوطة ودرعا وحمص المتواجدين في عفرين إلى مناطقهم.
وأضاف حسن أن على المنظمات الحقوقية والجامعة العربية وروسيا العمل على ذلك، كون عفرين كانت تحت وصاية روسيا.
المشروع يحقق أهداف النظامين التركي والسوري
من جهته قال رضوان علي (وهو ناشط مدني يقيم في مدينة عفرين المحتلة)، إن توطين اللاجئين السوريين الذي سيتم ترحيلهم من تركيا في الشمال السوري له آثار سلبية، لأن معظمهم فقدوا منازلهم جراء الحرب في سوريا، وستقوم تركيا ببناء مستوطنات لهم داخل الأراضي السورية الخاضعة لسيطرتها، وبالتالي سيصبحون سكان أصليين وليس نازحين، وبالتالي سيحقق هدف النظامين التركي والسوري في تغير ديمغرافية المناطق المحتلة وخاصة عفرين وسري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض.
وأضاف علي أن عشرات القرى الاستيطانية تم بناؤها في منطقة عفرين المحتلة، لافتاً إلى أن مستقبلها سيكون مثل مخيم "النيرب" في حلب ومخيمي "اليرموك وفلسطين" في دمشق، حيث لن يعود هؤلاء إلى مناطقهم في حال الوصول إلى حل سياسي في سوريا كونهم امتلكوا منازل جديدة بدلاً من منازلهم المهدمة.
وأشار علي إلى أن قرار الرئيس التركي ليس للاستهلاك الإعلامي ودعم حملته الانتخابية لاحقاً، وإنما هو واقع تعمل عليه الحكومة التركية منذ احتلالها المناطق الكُردية في سوريا، حيث عمدوا منذ اللحظة الأولى إلى إفراغ المناطق الكُردية المحتلة من سكانها، وتوطين مهجرين من العرب والتركمان بدلاً عنهم، وبذلك يقضون- من وجهة نظرهم -على أي أمل أو حلم للكرد في الحصول على إقليم يحافظ على هويتهم العرقية والثقافية.
وذكر علي أن عودة مهجرين عفرين إلى قراهم ومنازلهم بات شبه مستحيلاً، لأن القوات التركية ومنذ لحظة احتلال المنطقة عمدت إلى منع السكان الأصليين من العودة إلى مناطقهم، عبر إطلاق يد مسلحي المعارضة السورية لممارسة الانتهاكات بحق السكان المتبقين فيها، بغية ترهيب المهجَّرين ومنعهم من التفكير بالعودة إلى مناطقهم.
يذكر أن نحو أربعة ملايين لاجئ سوري يتواجدون في تركيا بحسب التصريحات الرسمية للحكومة التركية، سيتم ترحيل أغلبهم تحت بند "العودة الطوعية".
الجدير بالذكر أن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، قال في مقابلة تلفزيونية محلية، الأسبوع الفائت، إن تركيا أعدت 13 مشروعاً يتضمن بناء 250 ألف منزلاً في مدن الباب وجرابلس وسري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض لتوطين مليون لاجئ سوري في تركيا.
التعليقات