ليلوز بدري- قامشلو/ ايزدينا
تمر اليوم الذكرى السنوية الثانية لاحتلال تركيا وفصائل المعارضة السورية الموالية لها، لمدينتي سري كانيه/ رأس العين، وكري سبي/ تل أبيض وريفهما، ضمن عملية عسكرية سمتها تركيا بـ "نبع السلام"، والتي أدت لعملية تهجير قسري بحق سكان المدينتين وريفهما.
وارتكبت قوات الاحتلال التركي والفصائل المسلحة الموالية لها خلال العامين الفائتين، أبشع أنواع الجرائم والانتهاكات بحق سكان المدينتين وريفهما، بدءاً من عملية استهداف المدنيين العزل وعمليات القتل والتهجير وصولاً إلى استهداف المدنيين بالطائرات الحربية والأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً.
يتذكر حسن أومري وهو أحد المهجرين من مدينة سري كانيه/ رأس العين، في حديثه لموقع ايزدينا، كيف تجمع الآلاف من سكان مدن إقليم الجزيرة في مركز مدينة سري كانيه/ رأس العين بتاريخ الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وشاركوا بمسيرة وصولاً إلى النقطة العسكرية الأمريكية في حاجز "تل أرقم" 7 كم جنوب غربي مدينة سري كانيه/ رأس العين المحتلة، تعبيراً عن رفضهم قرار انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة.
ويضيف أومري أن عدداً من الشيوخ ووجهاء العشائر في إقليم الجزيرة وجهوا رسالة إلى القوات الأمريكية، للوقوف في وجه التهديدات التركية، مشيراً إلى أن القوات الأمريكية ردت حينها بوعود لم تكن ذو مصداقية، ففي ساعات الصباح الأولى من يوم التاسع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر انسحبت تلك القوات من المنطقة وفسحت المجال أمام تقدم ودخول قوات الاحتلال التركي وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها إلى المنطقة.
ويروي أومري كيف انتشر الخوف والذعر بين المدنيين في سري كانيه/ رأس العين، حيث تصاعدت أعمدة الدخان من المدينة في الساعة الرابعة عصراً، وبدأت الطائرات الحربية بقصف المنطقة بشكل عشوائي.
استهداف المدنيين في اليوم الأول
ويتابع أومري أن قوات الاحتلال التركي استهدف في اليوم الأول بالطيران الحربي بلدة مشرافة، ومعهد اللغة الكردية والمدارس والأحياء السكنية بشكل عشوائي، ما اضطر سكان المدينة للخروج من منازلهم دون أن يتمكنوا من جلب أغراضهم معهم متجهين نحو المناطق الآمنة، سواء أكان بعربات النقل أو سيراً على الأقدام.
ويشير أومري أن الكثير من سكان مدينة سري كانيه/ رأس العين الذين هجروا قسراً من منازلهم وأرضهم ومدينتهم، توجهوا نحو المناطق المجاورة مثل بلدة "زركان/ أبو راسين، الدرباسية، القامشلي والحسكة" التي باتت الملجأ الآمن لمعظم مهجري مدينة سري كانيه/ رأس العين المحتلة وريفها.
ويذكر أومري أن سكان منطقة سري كانيه/ رأس العين كانوا على يقين بأنهم سيعودون إلى منازلهم بعد عدة أيام من القصف الهجمي، ولكن بعد سماعهم أنباء عن دخول الفصائل المسلحة الموالية لقوات الاحتلال التركي، أطلقوا على ذلك اليوم "اليوم الأسود".
ويتابع أومري أنه رغم مقاومة المقاتلين من أبناء "روج آفا" لقوات الاحتلال عبر التصدي لهجمات المحتلين داخل مدينة سري كانيه/ رأس العين، إلا أن قصف الطائرات الحربية للمنطقة كانت عائقاً أمامهم.
ويتذكر أومري كيف قرر ابنه "محمود" وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، العودة إلى مدينته رفقة والدته، بعد أن تلقى اتصالات هاتفية من داخل مدينة سري كانيه/ رأس العين بأن المسلحين لا يتعرضون للسكان المدنيين.
ويقول أومري إن سبب سماحه لأبنه بالعودة هو أنه كان لديه بطاقة ذوي الاحتياجات الخاصة، ولم يحمل سلاح، ولم يكن يتوقعون التعرض له من قبل المسلحين، ولكن ما حدث أن والدته عادت بدون أبنه بعد ذهابهم إلى منزلهم في سري كانيه/ رأس العين.
مصير شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة
ويروي أومري أن ابنه محمود مع والدته وصلوا إلى منزلهم في سري كانيه/ رأس العين، ولكن عربة عسكرية بداخلها أربعة مسلحين منعوهم من دخول منزلهم بحجة أن المنزل بات يسكنه عائلة من عائلات المسلحين، مضيفاً أن المسلحين الأربعة هاجموا الشاب محمود وهددوا والدته والسكان المتواجدين بعدم التدخل والاقتراب، إلى أن اقتادوا محمود إلى جهة مجهولة.
ويضيف أومري أنهم لم يعلموا في البداية إلى أين قامت تلك الفصائل بأخذ ابنه أو ماذا فعلوا به، ولكن فيما بعد علمت والدته من الجيران أن مجموعة تابعة للمدعو "شويخ أبو أحمد" وهو أحد عناصر كتيبة تسمى "الحمزات" اقتادوا ابنها إلى منطقة "اصفر نجار"، فيما وصل خبر مقتله تحت التعذيب بعد ثمانية أشهر.
ويشير أومري أنهم لا يعلمون مكان دفن ابنهم محمود حتى الآن، ولكنهم على أمل بالعودة إلى مدينتهم سري كانيه/ رأس العين والبحث عن قبره.
بدورها تقول ستيرا رشك وهي الرئيسة المشتركة لمخيم "واشو كاني" في حديثه لموقع ايزدينا، إن التاسع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر يعد تاريخ مؤلم للمهجرين قسراً من مدينة سري
كانيه/ رأس العين، حيث تتجدد آلامهم في هذا اليوم الذي رأوا فيه بأعينهم صرخات الأمهات والأطفال وكبار السن.
هجروا منازلهم واستقروا في المخيمات
وتضيف رشك أن معظم مهجري مدينة سري كانيه/ رأس العين، اضطروا للإقامة في الحسكة بعد أن تبدلت أقدارهم بلحظات وهجروا منازلهم ليقيموا في مدارس تأويهم وتحتضن أوجاعهم ومعاناتهم.
وتشير إلى أن الإدارة الذاتية قامت بإنشاء مخيم يحتضن الآلاف المهجرين من أبناء سري كانيه/ رأس العين، بتاريخ الـ 24 من شهر تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2019 باسم مخيم "واشو كاني".
وتقول رشك إن الآلاف من مهجري سري كانيه/ رأس العين وقراها سكنوا المخيم، حيث بلغ عدد الأشخاص المقيمين في مخيم "واشو كاني (15158) شخصاً، من (2317) عائلة.
التعليقات