تقع منطقة عفرين في أقصى شمال غرب سوريا، تمتازبمناخها المعتدل وطبيعة جبلية وافرة الينابيع ويجتازه نهر تسمى باسمه (نهر عفرين).
وهي منطقة مشهورة بزراعة الزيتون والرمان والكروم والكثير من الفاكهة والخضروات والحبوب بانواعها، كما تصلح لرعي الماشية.وقد تعاقبت عليها الحضارات وكانت تتمتع بموقع استراتيجي هام.
وقد عثر فيها على رفات اقدم طفل (طفل نيانتردال) في (كهف دوداري )Duderî على السفح الغربي لجبل ليلون قرب قرية برجا عفدال Birca Evdêl، وقد حاولت السلطات تعريب اسمها الكردي (ذات البابين)، إلا أن البعثة الاثرية اليابانية ورئيسها العالم "اكازاوا" أصر على اسمها المتداول في المنطقة،ويعود التاريخ الذي عاش فيه الطفل -حسب تقديرات البعثة- لمئة ألف عام،وهذا دليل قاطع على سكن هذه المنطقة من قبل البشر منذ القديم.
![]() |
(كهف دوداري )Duderî |
وهناك عشرات القرى المنتشرة في جبل ليلون الذي يسكنه الايزيديون إلى يومنا هذا بجانب المواقع الاثرية، والأثار التي بجانب تلك القرى لا تزال تحمل رموزا للديانة الايزدية،فهناك قوس لمعبد قديم في قرية كيمار مرسوم عليه نحتا لطاؤوسين متاقابلين وتتوسطهما رمز للشمس، وكذلك رموز كثير في معبد خربة الشمس وهي تعود للحضارات الميتانية والحثية، وأثار قلعة عيندارا أيضا من الحضارة الحثية والزرادشتية،والقبة المخروطية المضلعة لقلعة نبي هوري التي تعود للهوريين، زيارة شيخ بركات على قمة جبل يسمى باسمه قلعة شيخ بركات وتقع في أقصى جنوب المنطقة، وزيارة بارسه خاتون على قمة جبل بارسي وتسمى قلعة جانبولات،وتقع في أقصى الشمال حيث يرتاده إيزيدي المنطقة بزيارتهما،وهناك عدد كبير من المزارات ,يرتاده الايزيديين في قراهم تكاد لاتخلو قرية والا فيها مزار, يعود بأصلها للايزيديين .
وجميع هذه الأثار تدل على وجود الأزداهية منتشرة في هذه البقعة من الأرض.
وحسب شرفنامة لشرف خان البدليسي بأن حكام كلس (مندشاه)أو شيخ مند ولاه أحد سلاطين الايوبيين في القرن الثاني عشر على ولاية حلب،قد بسط سيطرته على الايزديين في سهل جوم وسهل الغاب والمنطق الممتدة من مرعش لولاية القصير كانو ايزيديون آنذاك، فنازعوه بعض الايزيديون على الحكم، ولكنه حكمهم بالقوة تارة وباللين تارة أخرى، فاجبروهم على الطاعة.
هناك عائلات كثيرة في المنطقة وتسكنها منذ القدم،وهم من سكان المنطقة منذالقدم ، وقد تلقى الايزيديين شتى انواع الظلم والاضطهاد تحت سيطرة العثمانيين واسلم معظم الايزيديين خوفا من ظلمهم.
وحينما قدم الفرنسيين سنة 1916 م وطردوا العثمانيين حظي درويش أغا (درويش شمو ممو) بدعم مميز من السلطات الفرنسية التي امدتهم بالاسلحة والقوة والسيادة وأصبح مرجعية للايزيديين، فكان ذا شخصية قوية وشأن وشجاعة، فإشار اليه الفرنسيون بأن الشعوب لاتتقدم إلا بالعلوم والثقافة فمنحوه ترخيص بناء مدرسة في قرية قيبار، وقام بجمع التبرعات من الايزيديين لبناء المدرسة، ولكن قام بعض الاغوات بتحريض الايزيديون ضده بحجة انه يدفع ابناء الايزيديين للاسلا،م وقتها كان التعليم محرما على الايزيديين ولكنه اصر على بناء المدرسة، واتم بناؤه سنة 1927م وكتب على اللوحة الحجرية لواجهة المدرسة العبارة :(تأسست هذه المكتبة بفضل كرم الله للطائفة الايزيدية في قضاء كردداغ بهمة درويش أغا بن شمو سنة 1927غربي/1344هجري)
وجلب استاذ لتعليم النصوص الدينية الايزيدية وباللغة الكردية من كردستان عراق من بحزاني يقال له خضر أفندي وبدأ التدريس فيها وتوافد اليه الطلبة من معظم القرى الايزيدية وتزوج خضر أفندي من فتاة في قرية قيبار وانجبت له طفلة إلا أن الام توفيت اثر ولادتها، وبعد ثلاث سنوات اسطحب ابنته ورجع لبحزاني وما زال أحفاده يعيشون في دهوك وبحزاني.
أما درويش شمو فزاد نفوذه ودعمه من السلطات الفرنسية ووكله الامير سعيد بك امور الايزيديين في عفرين واعزاز وكالة عامة في كافة الدعاوي والمخاصمات والمؤرخ في 10 شباط 1923 م ومصدقة من كاتب العدل موصل، وكثر أعدائه ولاسيما أغوات المنطقة بسبب الغيرة وكونه يزيدي مما حرضوا بعض الايزيديين عليه واستغلوا خلاف عائلي بينه وبين مرافقه المدعو (عفدي حس قاجان) فقام باطلاق الرصاص عليه من الخلف اثناء رجوعهم من عفرين فسقط عن فرسه لم يمت مباشرة، فقال له لماذا تقتلني أهذا جزاء المعروف؟ ولكنه تابع برجمه بالحجارة وقتله سنة 1931م ولم يتجاوز الخمسين من عمره.
هكذا انتهى سيرة هذا الرجل الشجاع الذي كان يرغب بتطوير الايزيديين لمواكبة الحضارة والمدنية وكان قد اقام له مضافة في مدينة عفرين (اوتيلا درويشي شمو) ومضافة في قرية قيبار.
ثم استلم زمام السلطة ابنه جميل درويش أغا وتم الاعتراف به رسميا من قبل والي حلب سنة 1932 م رئيسا للايزيديين وقاضيا شرعيا، واستلم صك الوكالة من الامير سعيد بك 14ايار 1934 م لادارة شؤون الايزيديين وجدد الوصاية والوكالة من قبل الاميرة ميانة خاتون بعد وفاة زوجها الامير سعيد بك.
واستمر جميل أغا على منوال والده وتحسين علاقاته مع الفرنسيين والقوى الوطنية وعلاقات صداقة مع البدرخانيين، ولقد قام بزيارته كاميران بدرخان ولكن تراجعت السلطة والمرجعية لجميل أغا بعد جلاء الفرنسيين،فازداد اضطهاد الايزيديين لغاية السبعينات.وينعم الايزيديين في عفرين بحق المواطنة كغيرهم من سكان المنطقة.
التوزع الجغرافي الايزيديي في عفرين :
معظم سكان منطقة عفرين كانوا ايزيديين سابقا، ولكن في الوقت الحالي يتوزعون لثلاث مناطق منطقة شكاك ـومنطقة جبل ليلون وقلعة سمعان ـ منطقة سهل جومى.
أولا: قرى منطقة شكاك.
قرية قسطل جندو Qestel Cindoـ ق :علي قينا Elîqîna ـ ق:بافليون Baflûn ـ ق: قطمة Qetmê ـ ق: سينكا Sînka
ثانيا:قرى منطقة جبل ليلون وقلعة سمعان .
قرية عرش قيبار Qîbar ـ ق: ترندة Turindê ـ ق:كيماري Kîmarê ـ ق: عيندارا Endarê ـ ق:غزاوية Xezîwê ـ ق: برجا عفديل Bircê ـ ق: باصوفان Basûfanê ـ ق: كوندي مازين Gundî Mezin ـ ق: شاه دير Şadêrê ـ ق:اسكا Îska ـ ق: بعية Bi`îyê
ثالثا: قرى سهل جومى .
قرية: فقيرا Feqîra ـ ق: كفرزيت Keferzîtê ـ ق:قجوما Qujûma ـ ق: قيلي Qîlê ـ ناحية: جنديرس ـ ق:اشكي شرقي Aşkê Şerqî ـ ق:جقلا
بالاضافة الى عدد لابأس بهم يسكنون مدينة عفرين ويتراوح عددهم ما قبل الازمة السورية بحوالي 25000 نسمة، الا أن الهجرة والتشرد انخفض عددهم الى النصف تقريبا وهم يعملون بالزراعة والتجارة والصناعة ويتصفون بصدق المعاملة والامانة وجودة عملهم ويضرب بهم المثل لاخلاقهم فجميع الاهل المنطقة يحترمون الايزيديين ويرغبون بالتعامل معهم اكثر من غيرهم من الطوائف.
وهناك عدد كبير من الاطباء والصيادلة والمهندسين والمعلمين من كافة الاختصاصات أثبتوا جدارتهم في كافة المجالات وهناك عدد من الضباط والمحامين .....الخ من المهن انخرطوا في العيش الحضاري المتمدن بين فئات الشعب.
لقد تأثر الايزيديين بالازمة السورية كغيرهم من الشعب السوري،وتعرضت بعض القرى الايزيدية للهجمات الارهابية من قبل القوى الظلامية الاسلامية والقصف على هذه القوى ومن الدولة التركية،مثل قرية قسطل جندو وقرية باصوفان، ولكون القرى الايزيدية متاخمة لتلك القوى.وقد ابدت وحدات الكردية لحماية الشعب أبدت مقاومة كبيرة لتصدي تلك قوى، وابعدتهم عن تلك المناطق بعشرات الكيلومترات. وفي الوقت الحالي لايوجد أي خطر على الايزيدية.وهناك جمعية للايزيديين في عفرين وتعتبر الناطق الرسمي باسم الايزيديين لدى الجهات الرسمية .
علماء الدين الأيزدي في منطقة عفرين:
الشيخ ناصري عفدكي :وهو من شيوخ طبقة القاتانية (شيخ بكر) من قرية قيبار .
وكان حافظا للنصوص الدينية وخدم أبناء جلدته في ظروف صعبة من الظلم والاضطهاد.
الشيخ علي شمو بركات (1930ـ 1994):كان عالما ذكيا ,يمتاز بالاخلاق عالية ,ملما بأمور التاريخية والدينية .وكان حافظا لعدد كبير من النصوص الدينية , وكان من ابرز الشيوخ في المنطقة ، كان محضر إحترام وتقدير من أبناء المنطقة . ينتمي لشيوخ الشمسانية (ناصردين ) وهو من قرية باصوفان وكان يسكن قرية قيبار .
الشيخ حميد حمقاديو ( Hemîdê Hemqadî ) وهو من طبقة الشيوخ القاتانية (شيخ بكر).من قرية باصوفان ،وكان يسكن قرية الغزاوية .وكان حافظا للكثير من النصوص الدينية وتتلمذ على يده الكثير من طلبة الدين .
الشيخ حسين شيخ بريم (1936ـ 2013م)كان من شيوخ الادانية (شيخ حسن). كان يمتاز برحابة الصدر وذو أخلاق ممتازة , وكان بارعا في أحاديثه , وكان يملك الكثير من الأ قوال الدينية.
الشيخ محمد كالو خليل من مواليد 1938م من قرية برج عفدال , يحفظ قدرا كبيرا من النصوص الدينية ، يمتاز بأخلاق عالية وخدوما لابناء جلدته لازال يقوم بواجباته على أكمل وجه ، وهو من طبقة الشيوخ الادانية (شيخ حسن).
وهناك عدد لابأس به من الشيوخ الحافظين للنصوص الدينية يقومون بخدمة الديانة من دفن والختان والبسك والنذور........الخ .
شيخ عزيز بن شيخ حسين ـ شيخ نوري عبدوأمين بركات ـ شيخ رياض شيخ حنان.
وهناك شيوخ من أصحاب الكرامات، ومن أشهرهم الشيخ حس شيخ حسين من قرية ترنده ,كان يمص السم من الملدوغين من قبل الآفاعي , ويأتي اليه المصروع والمريض ومن كل فئات المجتمع .
عشائر الأيزيديين في عفرين:
ينتمي الايزيديون في عفرين لعدة عشائر. مثل عشيرة شكاك في قرى قطل جندو وبافليون .عشيرة ره شي Reşwan: في قرى برج عفدال ـ قيبار ـ ترنده ـ قطمة ـ أبو كعبة.
عشيرة دنا Dina: قرية قيبار . عشيرة هكاري Hekarî: قرية قيبار ـ قرية فقيرا. عشيرة خندقي Xendeqî:قرية باصوفان. عشيرة شرقي : قرية فقيرا. عشيرة بوري (Purî): قرية برج عفدال Bircê.
عشيرة خاستي Xastî وباديني Badînî: قرية كفرزيت وكوندي مازين Gundî Mezin.
الطبقات الدينية :
هناك من الشيوخ ا
لادانية والقاتانية والشمسانية ،موزعين في القرى المذكورة سابقا .والبييرة من بيري اومر خالا ـ وبيري بحرا ـ وبير محمدي رابان .......والخ .
وعدد كبير من المريدين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :الايزيديون في شمال غرب سوريا ـ د. محمدعبدو علي .
جبل ليلون : استاذ مروان بركات .
شمس آرام :عبد الهادي نصري .
شرفنامة : لشرف خان البدليسي .
جولات استطلاع ميدانية من قبل الباحث .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباحث : محمود كلش
التعليقات