علي عيسو - رئيس تحرير موقع ايزدينا
تستمر الدول والتيارات السياسية بإرسال برقيات التعزية لوفاة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني في إحدى المشافي الألمانية إثر صراع مع المرض، كما خيّم الحزن بين الأوساط الكردية السياسية والاجتماعية، وأعاد بعض الإيزيديين الحديث عن منجزات طالباني ونشاطاته التي خدمت الإيزيديين وأتاحت لهم فرصة المشاركة السياسية الفاعلة.
أكثر أهم المواقف التضامنية مع الإيزيديين للقائد الكردي جلال طالباني كانت أيام انتفاضة 1991، حين ألقى خطابه الأول أمام آلاف الجماهير ماسكًا بيد أمير الإيزيديين حينذاك، خيري بك، ومخاطبًا الشعب بالقول: "هذا هو أميرنا، وأصلنا قديماً إيزيديين"، هذا الحدث نقل تفاصيله الناشط الإيزيدي الدكتور ميرزا دنايي على صفحته الشخصية في الفيسبوك، مضيفاً أن الخطاب فاجئ الإيزيديين نظراً لحساسية العلاقة التي كانت تسود بين المسلمين والإيزيديين.
يؤكد هذا الخطاب مدى احترام مام جلال طالباني للإيزيديين كـ ديانة ومجتمع، وتقديره لمشاركة الإيزيديين السياسية داخل الحركات التحررية الكردية التي كانت تدور ضمن إطار الحقوق المشروعة للشعب الكردي، وهذا ما يؤكده أيضاً الباحث داود مراد ختاري في أن نضال الإيزيديين داخل الحركات السياسية الكردية كانت تنطلق من ركيزة ثابتة هي أن الإيزيديين هم جزء لا يتجزأ من المجتمع الكردي ولهم نضال طويل داخل صفوف القوات العسكرية الكردية، وقدموا الآلاف من الشهداء والجرحى ضمن صفوف تلك القوات.
إنه حقاً "رجل الدولة" كما جاء في وصف بيان العزاء للبيت الأبيض الذي عبرّ عن حزنه لرحيل القائد الكردي، كما أنه رجل عابر للانتماءات الدينية وحتى العرقية لأنه استطاع أيضاً أن يحتضن الجميع، لذلك ستبقى القلوب حزينة على غيابه، كما أن النضال على خطى مسيرته الشجاعة لا بد حتماً أن يزدهر أكثر وفاءً وإخلاصاً له لأنه كرّس حياته خدمةً لعموم الكردستانيين في العالم.
كان الراحل جلال طالباني قريباً إلى هموم وقضايا الإيزيديين، ففي منشور الدكتور ميرزا دنايي وهو أول مستشار ايزيدي لرئاسة مام جلال طالباني العراقية، وكذلك منشور السيد عيدو بابا شيخ وهو ثاني مستشار ايزيدي للدورة الرئاسية الثانية، يؤكدان أن مام جلال قدم الدعم اللوجستي لبناء مركز ثقافي ديني يهتم بالشأن الإيزيدي رغم المخاوف التي أبدتها بعض الشخصيات السياسية الكردية، كما أن الراحل حثَّ المثقفين الإيزيديين على بناء قاعة للمناسبات في قضاء شيخان وأيضاً بالقرب من مزار الشيخ شرفدين في قضاء شنكال.
هكذا رحل عنّا مام جلال طالباني تاركاً خلفه ملفات سياسية هامة ستحدد مصير عموم الكردستانيين في إقليم كردستان، فإما أن ينهض الكرد مجدداً ويستعيدوا قوتهم في مواجهة التحديات القادمة، أو يبقوا بين ركام الضعف يتأملون نصراً دون أن يساهموا في تحقيقه.
الرحمة لروحه والصبر والسلوان لعموم الكردستانيين في العالم وللعراقيين جميعاً.
التعليقات