زهير كاظم عبود - ايزدينا
منذ بدء عملية الاستفتاء التي أجرتها حكومة الإقليم وحتى اليوم، لم تزل القرارات والإجراءات المتخذة من قبل الحكومة الاتحادية تطال شعب كوردستان، وتزيده وجعاً فوق المواجع التي خلفتها السياسات والقيادات والتناحر الحزبي والفساد، وفوق كل تلك الإجراءات لم نلمس بادرة لحل الإشكالات والاختلافات التي قررتها الحكومة الاتحادية، والتي ساندتها المحكمة الاتحادية العليا، والتي استجابت لها والتزمت بها حكومة الإقليم.
منذ تلك الفترة وحتى الغد يعيش في الإقليم ملايين المهجرين من داخل أو خارج العراق، لم يشعر أي مواطن منهم أنه أصبح خارج مسؤولية الإقليم، والمخيمات التي تكاثرت خير شاهد على ذلك، وكنا نعتقد أن ثمة عقول حكيمة وحليمة تتسارع لدرء الأخطاء التي تشارك بها كلا الطرفين خلال الفترة الماضية، وتطرح بشكل مستعجل مبادرات لحسن النية، وأن يتذكروا دوماً بأننا نزعم بأننا شركاء في هذا الوطن، وأن الدستور العراقي يسمي نظام الحكم في العراق بالنظام الديمقراطي الاتحادي، وأن كل عراقي مهما كانت قوميته أو دينه أو مذهبه يتساوى مع غيره من العراقيين أمام القانون دون تمييز، وأن النظام الاتحادي يقر إقليم كوردستان وسلطاته القائمة إقليماً اتحادياً، وبهذا فإننا نجد من الضروري أن نستعيد المواقف والصفحات الوطنية المجيدة التي وقفها هذا الشعب المناضل والمكافح، وأن نتصفح تاريخنا القريب والبعيد لنتذكر كل صفحات المشاركة الحقيقية في الحياة والنضال والدفاع عن حقوق الإنسان وكرامة العراقي، ما يدفعنا لمواقف وطنية مشتركة.
إن الاستفتاء أصبح إجراء في سياقات الماضي، والمحكمة الاتحادية ألغت جميع ما يترتب عليه من إجراءات، والتزام حكومة الإقليم دليل واضح على أن تحترم قرارات المحكمة الاتحادية، فلم تعد هناك من ذرائع أو حجج يمكن التعكز عليها لفرض عقوبات على الشعب الكوردي في العراق، وكلنا نعرف أن هذه العقوبات لن تضر أو تمس بأي من القيادات، كما كنا نعرف بأن الحصار المفروض على مطارات الإقليم والمنافذ الحدودية دون حل منطقي ومقبول يضر بشكل بليغ بالحكومة الاتحادية وبحكومة الإقليم أن لم نجد الحلول المستعجلة، بالإضافة إلى الضرر البليغ الذي يقع على مصالح الناس.
كلنا ثقة بأن التعامل مع هذه الإشكالات والخلافات بعقلية الحكيم والوطني الحريص عراقياً يمهد الطريق لإنهاء كل الإجراءات الاستثنائية، بعيداً عن الشحن القومي ومفاهيم المنتصر والمنكسر، ومن أجل أن نجعل الإخوة والشراكة الحقيقية في موقعها ومفهومها الوطني، وأن نمد أيادينا لبعض حتى لا نجعل لمفاهيم الفرقة والتباعد والتشنج والتعصب القومي عربياً أو كوردياً أو تركمانياً مكاناً في حياتنا، وأن اختزال الزمن لطرح النتائج الإيجابية سيمهد الطريق لحل أوضاع مخيمات النازحين والمهجرين، وسيمهد الطريق أيضاً لحل إشكاليات الطبقة الفقيرة والمعدمة التي تعيش دون رواتب ودون موارد، كما أن الفساد المستشري في جسد العراق لم يعفي إقليم كوردستان مطلقاً، وحتى تكون للفيدرالية معنى دستوري ملموس، فإن الحكومة الاتحادية مطالبة بفتح كل الملفات الشائكة بشكل مستعجل، وحكومة الإقليم مطالبة أيضاً بأن تفتح عقلها وقلبها لمصلحة العراق الاتحادي ولشعب كوردستان العراق، ونأمل أن يكون المنهج السياسي لكلا الإطراف منهجاً عراقياً يضع مصلحة الشعب والمستقبل أمامه قبل أي مصلحة أخرى.
التعليقات