عصام رشيد - قامشلو / ايزدينا
نشر مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي بحثًا أكاديميًا للكاتب والباحث الحاصل على الدكتوراة دولة في القانون الدولي العام محمد خالد الشاكر، عن أسباب فشل المعارضة السورية في الوصول بالثورة إلى أهدافها التي انطلقت من أجلها، حيث تناول البحث عدة محاور بأسلوب علمي "بعيد عن عقلية المؤامرة".
وأوضح البحث أن التناقضات البنيوية بين قوى الثورة وقوى المعارضة أدت إلى فشل الثورة، هذه التناقضات تضمنت "عقدة احتكار السلطة، غياب الفلسفة الثورية، عدم فهم العلاقات غير المنظورة للنظام، التكتلات ما دون الوطنية، خطيئة نقل المعارك العسكرية إلى داخل المدن، غياب الرؤية الاستراتيجية، وفقدان العمل المؤسساتي".
وأشار البحث إلى مدنية الانتفاضة السورية وانسجامها، حيث شارك في بداياتها معارضون من أنواع الطيف السوري كله؛ علويون ومسيحيون وكرد وقوميات مختلفة، وقابل ذلك تباين واختلاف بين قوى المعارضة السورية، التي ظلت منذ بدايات تشكيلها تركيبة غير منسجمة، راوحت آليات عملها بين المعارضين التقليديين للنظام، وأولئك الذين أتيحت لهم فرصة صناعتهم عبر الظهور الإعلامي، ليحجزوا أماكنهم من دون أي ضوابط، وآخرين استفادوا من علاقاتهم الخاصة مع الدول الإقليمية والعربية، ليكونوا (سفراء) داخل جسد المعارضة وقوى (الثورة) على حد سواء.
وأوضح البحث أن الخطوة الثانية كانت نشوء تشكيلات ومجموعات سياسية، وتكتلات بمشارب ومرجعيات، وأفكار وحلول مختلفة ومتباينة، وأنّ المشكلة التي اعترضت آليات عمل المعارضة أنّ أغلبهم كانوا يرون في أنفسهم الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري، الأمر الذي أدى لخلافات فكرية وسياسية بين الكتلتين الأهم (هيئة التنسيق، والمجلس الوطني ومن بعده الائتلاف)، بين رافضٍ للتدخل الخارجي والعسكرة، وداعٍ إلى التغير الديمقراطي السلمي، وما بين الرؤيتين تبادلت أغلب أطياف المعارضة الاتهامات في ما بينها.
وأشار البحث إلى نقطة مهمة في تاريخ الثورة ألا وهي قيام تنظيم الإخوان المسلمين بتقديم مصالحهم، وولاءاتهم على الولاء للوطن، وأن علاقاتهم التاريخية مع الدول ووجودهم في الخارج، ساعدهم على الحركة أكثر من غيرهم، وبذلك تماهت توجهات الإخوان المسلمين مع توجهات حزب العدالة والتنمية في تركيا، بينما تغلبت مظاهر التشتت والفرقة على الآخرين.
النقطة الثانية كانت احتكار المعارضة الرسمية التي هيمنت عليها تركيا لمفاصل المعارضة وقراراتها، وقيامها بتهميش أغلب القوى الديمقراطية، إضافة لافتقار قوى الثورة والمعارضة السورية إلى فلسفة ثورية قادرة على امتلاك النظرية، وفشلها في دراسة بنية النظام الدولي، والعمل بواقعية العلاقات الدولية، وماهية المصالح بين الوحدات المكونة للنظام الدولي.
كما أن تغليب الشخصنة والتكتلات على أسس ما دون الوطنية في قيادات المعارضة وشخصياتها وتورطها في الفساد والمحسوبيات، وإقصاء الكوادر الأكاديمية والشخصيات الوطنية المعروفة في مناطقها، أدى إلى إعطاء النظام حرية امتلاك المبادرة للتحكم في إدارة الصراع، منطلقاً من أخطاء المعارضة وارتهانها لأجندات وقناعات لا يقبل بها الشعب السوري.
وأكد البحث أن خطيئة العسكرة ونقل المعركة إلى داخل المدن، أدخلت الصراع السوري في أتون كارثة إنسانية وسياسية، انعكست قبل كل شيء في أداء المعارضة، حيث أن قرار الشروع في معركة كبيرة، وبخاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، لم يكن قراراً عسكرياً أو تكتيكياً بحتاً، وإنما جاء بقرار سياسي من الخارج، فكانت له تبعات أخلاقية كبيرة.
وتناول الجانب الثاني من البحث مقومات المشروع الوطني الجامع، والتي تضمنت صناعة القوة الثالثة في إطار المشروع الوطني الجامع، فمن غير المحتمل أن يكون انهيار النظام بالسهولة التي يتصورها بعضهم، والأرجح هو أن تجري عملية إعادة اصطفاف وترتيب داخل النظام نفسه، وهذا يعني أنّ هناك قوة ثالثة، أو بنية سياسية جاهزة داخل النظام مستعدة للعملية التشاركية، الأمر الذي يعني ضرورة وجود القوة الثالثة ذاتها داخل المعارضة، بحيث تكون قوة فاعلة غير منفعلة، قادرة على أن تحقق تطلعات السوريين في دولتهم المدنية الديمقراطية.
كما أنه كان يجدر بالمعارضة السورية العمل على مسألة بناء الدساتير كأولوية لإحداث التغيير الفعلي، وهي عملية دينامية تقوم على تجاوز حالة الصراع، ومعالجة أسبابة بالتدريج عن طريق عملية تبدأ بإصلاح المؤسسات في الدولة، وتحويلها عبر التشاركية في القرار إلى مؤسسات وطنية، تكون قادرة على كتابة الدستور الحالي، أو مناقشته.
واختتم البحث بالإشارة إلى أن الثورة سرقت، وأن مفهوم استعادة الدولة بشكلها الديمقراطي التعددي، هي الأولوية التي تتقدم مهمات القوى الوطنية الديمقراطية، لأن عمليات التهجير القسري والتغيير الديموغرافي وشبح التقسيم، أصبحت تهدد سوريا أرضاً وشعباً، وتشكل استكمالاً لتحقيق مصالح القوى المتصارعة، وهو ما يضع القوى الوطنية الديمقراطية، أمام ضرورات الخروج بمشروع جامع للمعارضة السورية، يبدأ بتجاوز حالة التشظي الذي تعيشها المعارضة، لمصلحة جسم وطني ديمقراطي واحد، وهو أقل ما يمكن تقديمه وفاءً لدماء السوريين ومعاناتهم.
الصورة لمقاتلين من الجيش السوري بعد سيطرتهم على مدينة حلب
نشر مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي بحثًا أكاديميًا للكاتب والباحث الحاصل على الدكتوراة دولة في القانون الدولي العام محمد خالد الشاكر، عن أسباب فشل المعارضة السورية في الوصول بالثورة إلى أهدافها التي انطلقت من أجلها، حيث تناول البحث عدة محاور بأسلوب علمي "بعيد عن عقلية المؤامرة".
وأوضح البحث أن التناقضات البنيوية بين قوى الثورة وقوى المعارضة أدت إلى فشل الثورة، هذه التناقضات تضمنت "عقدة احتكار السلطة، غياب الفلسفة الثورية، عدم فهم العلاقات غير المنظورة للنظام، التكتلات ما دون الوطنية، خطيئة نقل المعارك العسكرية إلى داخل المدن، غياب الرؤية الاستراتيجية، وفقدان العمل المؤسساتي".
وأشار البحث إلى مدنية الانتفاضة السورية وانسجامها، حيث شارك في بداياتها معارضون من أنواع الطيف السوري كله؛ علويون ومسيحيون وكرد وقوميات مختلفة، وقابل ذلك تباين واختلاف بين قوى المعارضة السورية، التي ظلت منذ بدايات تشكيلها تركيبة غير منسجمة، راوحت آليات عملها بين المعارضين التقليديين للنظام، وأولئك الذين أتيحت لهم فرصة صناعتهم عبر الظهور الإعلامي، ليحجزوا أماكنهم من دون أي ضوابط، وآخرين استفادوا من علاقاتهم الخاصة مع الدول الإقليمية والعربية، ليكونوا (سفراء) داخل جسد المعارضة وقوى (الثورة) على حد سواء.
وأوضح البحث أن الخطوة الثانية كانت نشوء تشكيلات ومجموعات سياسية، وتكتلات بمشارب ومرجعيات، وأفكار وحلول مختلفة ومتباينة، وأنّ المشكلة التي اعترضت آليات عمل المعارضة أنّ أغلبهم كانوا يرون في أنفسهم الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري، الأمر الذي أدى لخلافات فكرية وسياسية بين الكتلتين الأهم (هيئة التنسيق، والمجلس الوطني ومن بعده الائتلاف)، بين رافضٍ للتدخل الخارجي والعسكرة، وداعٍ إلى التغير الديمقراطي السلمي، وما بين الرؤيتين تبادلت أغلب أطياف المعارضة الاتهامات في ما بينها.
وأشار البحث إلى نقطة مهمة في تاريخ الثورة ألا وهي قيام تنظيم الإخوان المسلمين بتقديم مصالحهم، وولاءاتهم على الولاء للوطن، وأن علاقاتهم التاريخية مع الدول ووجودهم في الخارج، ساعدهم على الحركة أكثر من غيرهم، وبذلك تماهت توجهات الإخوان المسلمين مع توجهات حزب العدالة والتنمية في تركيا، بينما تغلبت مظاهر التشتت والفرقة على الآخرين.
النقطة الثانية كانت احتكار المعارضة الرسمية التي هيمنت عليها تركيا لمفاصل المعارضة وقراراتها، وقيامها بتهميش أغلب القوى الديمقراطية، إضافة لافتقار قوى الثورة والمعارضة السورية إلى فلسفة ثورية قادرة على امتلاك النظرية، وفشلها في دراسة بنية النظام الدولي، والعمل بواقعية العلاقات الدولية، وماهية المصالح بين الوحدات المكونة للنظام الدولي.
كما أن تغليب الشخصنة والتكتلات على أسس ما دون الوطنية في قيادات المعارضة وشخصياتها وتورطها في الفساد والمحسوبيات، وإقصاء الكوادر الأكاديمية والشخصيات الوطنية المعروفة في مناطقها، أدى إلى إعطاء النظام حرية امتلاك المبادرة للتحكم في إدارة الصراع، منطلقاً من أخطاء المعارضة وارتهانها لأجندات وقناعات لا يقبل بها الشعب السوري.
وأكد البحث أن خطيئة العسكرة ونقل المعركة إلى داخل المدن، أدخلت الصراع السوري في أتون كارثة إنسانية وسياسية، انعكست قبل كل شيء في أداء المعارضة، حيث أن قرار الشروع في معركة كبيرة، وبخاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، لم يكن قراراً عسكرياً أو تكتيكياً بحتاً، وإنما جاء بقرار سياسي من الخارج، فكانت له تبعات أخلاقية كبيرة.
وتناول الجانب الثاني من البحث مقومات المشروع الوطني الجامع، والتي تضمنت صناعة القوة الثالثة في إطار المشروع الوطني الجامع، فمن غير المحتمل أن يكون انهيار النظام بالسهولة التي يتصورها بعضهم، والأرجح هو أن تجري عملية إعادة اصطفاف وترتيب داخل النظام نفسه، وهذا يعني أنّ هناك قوة ثالثة، أو بنية سياسية جاهزة داخل النظام مستعدة للعملية التشاركية، الأمر الذي يعني ضرورة وجود القوة الثالثة ذاتها داخل المعارضة، بحيث تكون قوة فاعلة غير منفعلة، قادرة على أن تحقق تطلعات السوريين في دولتهم المدنية الديمقراطية.
كما أنه كان يجدر بالمعارضة السورية العمل على مسألة بناء الدساتير كأولوية لإحداث التغيير الفعلي، وهي عملية دينامية تقوم على تجاوز حالة الصراع، ومعالجة أسبابة بالتدريج عن طريق عملية تبدأ بإصلاح المؤسسات في الدولة، وتحويلها عبر التشاركية في القرار إلى مؤسسات وطنية، تكون قادرة على كتابة الدستور الحالي، أو مناقشته.
واختتم البحث بالإشارة إلى أن الثورة سرقت، وأن مفهوم استعادة الدولة بشكلها الديمقراطي التعددي، هي الأولوية التي تتقدم مهمات القوى الوطنية الديمقراطية، لأن عمليات التهجير القسري والتغيير الديموغرافي وشبح التقسيم، أصبحت تهدد سوريا أرضاً وشعباً، وتشكل استكمالاً لتحقيق مصالح القوى المتصارعة، وهو ما يضع القوى الوطنية الديمقراطية، أمام ضرورات الخروج بمشروع جامع للمعارضة السورية، يبدأ بتجاوز حالة التشظي الذي تعيشها المعارضة، لمصلحة جسم وطني ديمقراطي واحد، وهو أقل ما يمكن تقديمه وفاءً لدماء السوريين ومعاناتهم.
الصورة لمقاتلين من الجيش السوري بعد سيطرتهم على مدينة حلب
التعليقات