
عقدت مؤسسة ايزدينا، اليوم الثلاثاء، ندوة تعريفية بالإيزيديين تحت عنوان "أنا الإيزيدي أدعوكم لتتعرفوا عليّ"، عبر برنامج "زووم"، شارك فيها نحو /65/ شخصاً من الناشطات والناشطين والإعلاميين الفاعلين في مجتمعات شمال وشرق سوريا من أبناء مكونات المنطقة من مدن "منبج والطبقة والرقة والحسكة وقامشلو/القامشلي وكوباني ودير الزور".
وأكدت الندوة التي استمرت حوالي ثلاث ساعات على أهمية "تعزيز دور الإيزيديين في سوريا وإزالة الصورة النمطية السيئة بحقهم، وإيجاد مناصرين لقضية الإيزيديين، ودفع نشطاء المجتمعات المحلية للتأكيد على أهمية التعددية الدينية واحترام الآخر، إضافة إلى تعزيز مفهوم التآخي بين المكونات الدينية في المنطقة.
وحضر الندوة أيضاً، ممثلين عن مكتب الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية، ونشطاء عاملين في بعض هيئات الأمم المتحدة، إضافة لممثلين عن منظمات سورية محلية ومنظمات دولية، حيث أتاحت مؤسسة ايزدينا خاصية الترجمة الفورية إلى اللغة الإنكليزية للضيوف الناطقين بهذه اللغة.
الهدف من الندوة
وأوضح مدير مؤسسة ايزدينا، علي عيسو، في كلمته حول الهدف من الندوة أنها "خطوة حقيقية لتوعية المجتمعات المحلية بهوية المجتمع الإيزيدي عبر التعريف بماهية الديانة وعادات وتقاليد الأقلية الدينية الإيزيدية في سوريا، إضافة إلى الحديث عن رؤية وتطلعات الإيزيديين وعلاقتهم بأبناء الأديان الأخرى".
وتضمنت الندوة التي ألقيت من قبل الناشط والإعلامي الإيزيدي جابر جندو، والناشطة الإيزيدية في قضايا المجتمع المدني مادلين شاقو، التعريف بالديانة الإيزيدية وعاداتهم وطقوسهم وعبادتهم ودور المرأة في المجتمع الإيزيدي.
التوزع الجغرافي للإيزيديين
وقال جندو خلال الندوة إن الإيزيديين يتوزعون جغرافياً في مناطقهم التاريخية في "سوريا والعراق وتركيا وإيران والهند وجورجيا وأرمينيا وروسيا"، لافتاً إلى أن الإيزيديين أجبروا بسبب حملات الإبادة الجماعية والمضايقات التي تعرضوا لها إلى الهجرة للدول الأوروبية عبر فترات تاريخية وخاصة "ألمانيا والنمسا وهولندا وسويسرا وفرنسا وأمريكا وكندا واستراليا".
وأوضح جندو أن الإيزيديين يتوزعون في سوريا بشكل أساسي في حيي "الأشرفية والشيخ مقصود" بمدينة حلب، ومدينة عفرين و22 قرية تابعة لها، وفي قرى ومدن الحسكة وقامشلو/ القامشلي وتربه سبيه/ القحطانية وسري كانيه/ رأس العين والدرباسية وعامودا في منطقة الجزيرة.
وأكد جندو أن الإيزيدية ليست طائفة تابعة لدين وإنما دين قائم بذاته، وأن الدين الإيزيدي يمتد عبر العصور إلى فترة تاريخية من 5 إلى 6 آلاف سنة، وأنه لم يتم تحديد تاريخ ظهور هذا الدين بالضبط بسبب كثرة حملات الإبادة الجماعية ضد الإيزيديين عبر العصور، وقيام القوات الغازية لمناطق الإيزيديين بحرق الوثائق الموجودة لديهم، إضافة إلى هدم مزاراتهم وأماكنهم التاريخية.
الإله عند الإيزيديين
وأضاف جندو أن الإيزيديين يؤمنون بالله ويطلقون عليه اسم "خودا" أو "ايزدان" وأن لديهم ألف اسم واسم لله، وأن الله لا شريك له وهو خالق الليل والنهار وهو الذي خلق الكون من العناصر الأربعة "الماء والهواء والتراب والنار" وهي عناصر مقدسة لدى الإيزيديين.
وأشار جندو أن الإيزيديين يؤمنون بالديانات الأخرى ورسلهم وكتبهم ويعتبرونها ديانات تعبد الله، لافتاً إلى أن الإيزيديين باتوا يعتمدون على نقل موروثهم الديني ونصوصهم الدينية على القصائد والأبيات الدينية المقدسة عن طريق "القوالون" الذين يختصون بحفظ النصوص الدينية ونقلها إلى الأجيال القادمة.
وحول الأماكن المقدسة لدى أبناء الديانة الإيزيدية أوضح جندو أن أهم موقع وكان ديني هو "لالش النوراني" الذي يقع في قضاء "شيخان بمحافظة "دهوك" في إقليم كردستان العراق، حيث تقام الطقوس الدينية، وتعتبر مكانًا يحج إليه الإيزيدون من مختلف أنحاء العالم، كما يوجد نحو 200 مزار ديني في شمال العراق، و18 مزار ديني في محافظة حلب، و3 مزارات دينية في منطقة الجزيرة السورية، إضافة إلى مزارات في جورجيا وأرمينيا.
الصوم عند الإيزيديين
وأضاف جندو أنه وبحسب الميثولوجية الدينية الإيزيدية فإن الإيزيديين يؤمنون بالتقمص وتناسخ الأرواح، ولديهم أدعية بدل الصلوات، وتعتبر الشمس هي قبلتهم أثناء الدعاء، كما يصوم الإيزيديون لمدة ثلاثة أيام بالنسبة لعامة الناس، إضافة إلى الصيام لمدة أربعين يوماً في الصيف وأربعين يوماً في الشتاء لرجال الدين.
وفيما يتعلق بإتهام الإيزيديين بعبادة الشيطان، يؤكد جندو أنه لا توجد نصوص دينية تذكر اسم "الشيطان"، مشيراً أن سبب اتهام الإيزيديين بهذه التهمة تعود لأسباب سياسية وبهدف طمس الهوية الدينية الإيزيدية.
دور المرأة لدى الإيزيديين
بدورها أوضحت الناشطة الإيزيدية في قضايا المجتمع المدني مادلين شاقو خلال الندوة أن "المرأة الإيزيدية متساوية مع الرجل في جميع مفاصل الدين الإيزيدي، حيث لا يوجد نص ديني يخاطب الرجل فقط أو المرأة فقط بل يتم مخاطبة الاثنين معاً".
وأشارت شاقو أن لدى الدين الإيزيدي أسماء أنثوية للملائكة، حيث أن الدين الإيزيدي يؤمن بأن كل شيء في الطبيعة لديه ملاك يحميه أو يحرسه وهو المسؤول عنه.
وأضافت شاقو أنه يوجد في المعبد المقدس للإيزيديين ما يسمى بـ "فقرا"، وهي مرتبة دينية للمرأة، وأشارت شاقو إلى نساء إيزيديات كانوا قادة للمجتمع الإيزيدي وأشهرهنّ هي الأميرة ميان خاتون التي ولدت في إقليم كردستان سنة 1873، وأصبحت أميرة على الإيزيديين سنة 1913 حيث عرف عنها العدل والقوة، وقادت الإيزيديين في وقت كانت المنطقة برمتها تمر بحروب وصراعات عسكرية.
وأضافت شاقو أنه في التاريخ الحديث ظهرت نساء كثر من أشهرهن فيان دخيل ونادية مراد التي ولدت من رحم المعاناة وحملت على عاتقها مهمة الدفاع عن الإيزيديين عامة ونالت جوائز عالمية.
واختتمت شاقو بأن المرأة الإيزيدية عانت كثيراً لأنها كانت الهدف الأول للغزاة والأعداء، حيث تم سبيها وقتلها وبيعها وحرمانها من أطفالها، وتم ممارسة أبشع أنواع العنف الجنسي والجسدي بحقها.
كما أجاب الصحفي الإيزيدي جندو على تساؤلات المشاركين في الندوة فيما يتعلق بالشائعات التي تنشر حول أبناء الديانة الإيزيدية وخاصة فيما يتعلق بـ "عبادة الشيطان وتقديسه"، وعدم الخروج الشخص الإيزيدي من الدائرة التي ترسم حوله، وغيرها من الشائعات التي فندها جندو بالأدلة والأمثلة.
مداخلات المشاركين
وشارك في الندوة مجموعة ناشطين بمداخلات عن أهمية عقد مثل هذه الندوات للتعريف بالإيزيديين وغيرهم من مكونات المجتمع السوري، حيث أكد منسق منظمة "أمل أفضل للطبقة" رضوان العلي في مداخلته، أن المعلومات التي ذكرت في الندوة تعتبر هامة وجديدة، وخاصة أنهم كانوا على صلة بأبناء هذا المكون في مدينة الطبقة وحلب، ولكن المعلومات عن أبناء هذه الديانة كانت شحيحة وغير كافية.
وطالب العلي بالعمل على إعداد كتيب عن الندوة لتوزيعها على المواطنين بهدف تعريف الآخرين بأبناء هذه الديانة، لافتاً إلى أن كل المكونات والأقليات عانت خلال الفترات الفائتة.
بدوره أوضح الكاتب والشاعر أحمد اليوسف من المكون العربي من مدينة منبج أنه لأول مرة يطلع على معلومات خاصة بأبناء الديانة الإيزيدية عبر هذه الندوة، مشيراً إلى أن أبناء الديانة الإسلامية يقفون إلى جانب المكون الإيزيدي ويدعمونه.
من جهتها أشارت المنسقة العامة لمجلس المرأة السورية، لينا بركات، وهي من المكون العلوي، أنه من المهم جداً أن تقوم الأقليات الموجودة في المنطقة بالتعريف عن نفسها للجميع عبر الندوات والنشاطات، لافتة إلى أن الجهل بمعلومات عن المكونات الأخرى يضع حاجزا بين أبناء الوطن الواحد.
وأضافت بركات أن كل الأقليات في المنطقة عانت من التهميش بسبب محاربة الأنظمة الموجودة في المنطقة لهم، من خلال تهميشهم في مناهج التعليم أو تهميش دورهم وثقافتهم في وسائل الإعلام.
كما أوضح الكاتب جمعة حيدر من المكون التركماني في مدينة منبج، أن سوريا هي لوحة فسيفساء جميلة بمكوناتها العرقية والدينية والاجتماعية، مشيراً أن هذه المكونات تسعى للتعايش المشترك.
وأضاف حيدر أن مشروع الإدارة الذاتية يضمن التعايش المشترك بين مكونات المنطقة، وذلك بحصول كل المكونات على حقوقها.
كما أوضحت الإعلامية أفين يوسف، في مداخلتها أن هناك لغط كثير حول بعض التفاصيل المتعلقة بالديانة الإيزيدية، بينما أشارت عدة مداخلات أخرى عن أهمية الندوات في التعريف بالمكونات الدينية والأقليات، وتصحيح وإزالة الصورة النمطية السيئة عنهم.
يذكر أن مؤسسة ايزدينا افتتحت مقراً لها، في ١ شهر آب/أغسطس الفائت في مدينة قامشلو/ القامشلي، وأطلقت مشروع "هوب Hope" في المنطقة ضمن برنامج عمل أكاديمي ومهني يهدف إلى زيادة وعي المجتمع المحلي بالهوية الإيزيدية وتعزيز التقارب بين أبناء المكونات الدينية والقومية في شمال وشرق سوريا من خلال احترام التعددية وتقبل الآخر ونبذ خطاب الكراهية والعنف.
التعليقات