ساحة الساعة في مدينة إدلب- مصدر الصورة: مجلة زيتون
ليث المحمد- إدلب/ ايزدينا
رغم طول مدة الهدوء النسبي الذي تحقق في مناطق إدلب وريفها بعد إبرام اتفاقية التهدئة من قبل الدول النافذة في الشأن السوري، ورغم تراجع حدة القصف الجوي والبري وعمليات التصعيد، إلا أن الشعور بالأمان لا يزال حلماً بالنسبة لسكان هذه المناطق الذين يقدر أعدادهم بنحو خمسة ملايين نسمة.
ويساهم في عدم شعور السكان بالأمان والاستقرار، الانفلات الأمني وانتشار حالات الخطف والقتل والسرقات، ووجود خلايا نائمة تابعة لعدة جهات مسلحة مثل النظام السوري وتنظيم "داعش" والجيش الوطني وغيرهم.
يقول عبد الكريم الأحمد ( وهو اسم مستعار لناشط حقوقي في مدينة إدلب) لموقع ايزدينا إن أبرز مخاوف المدنيين هي عمليات الخطف، حيث انتشرت هذه الظاهرة في المنطقة منذ سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على محافظة إدلب عام 2015.
ويضيف الأحمد أن عمليات الخطف تتم بشكل ممنهج وسري ومنظم، وأن الهدف الأساسي منها هو طلب مبالغ مالية ضخمة من ذوي المخطوفين، أو للمتاجرة بأعضائهم، لافتاً إلى أن العام الفائت 2020 شهد عشرات حالات الخطف في المنطقة بينها عمليات خطف الأطفال.
خلايا تنظيم "داعش"
ويشير الأحمد أن الهاجس الآخر لسكان المنطقة هو خلايا تنظيم "داعش" التي انتشرت بكثرة بعد انتهاء سيطرة التنظيم في كل من سوريا والعراق، حيث استطاع الكثير من عناصر "داعش" الهروب إلى الشمال السوري، وهم يشكلون خطراً بالغاً على المدنيين.
ويوضح الأحمد أن هذه الخلايا تزدهر بكثرة في ريف إدلب الغربي، كما أن هناك خلايا للنظام السوري تقوم بملاحقة النشطاء، وخلايا للجيش الوطني الموالي لتركيا تقوم بملاحقة المشتبه بهم ممن شاركوا في قتال الفصائل المنضوية تحت لواء ما يعرف باسم "الجيش الوطني السوري".
ويضيف الأحمد، أن الأهالي يتخوفون أيضاً من عمليات السرقة والسلب، التي ينفذها قطاع طرق، لافتاً إلى أن هذه العصابات تستهدف بشكل أساسي الأشخاص الذين يتم التأكد أنهم يملكون مبالغ مالية كبيرة مثل التجار والصاغة وبعض القياديين العسكريين أيضاً.
ويؤكد الأحمد أن هذه المخاوف دفعت سكان المنطقة للحرص على عدم السفر والتنقل والتجول لمسافات طويلة وخاصة أثناء ساعات الليل، كما دفعتهم لاقتناء السلاح الخفيف للدفاع عن النفس، أو السفر بشكل جماعي.
خطف الأطفال
وتعتبر حالات خطف الأطفال إحدى الظواهر التي تسبب القلق والخوف لدى سكان مدينة إدلب وريفها، حيث تم اختطاف أحد أطفال السيدة جميلة العلي ( وهو اسم مستعار لنازحة من منطقة ريف حلب الجنوبي وتقطن في بلدة كفرتخاريم 36 كم جنوب إدلب) بتاريخ الرابع من شهر نيسان/ أبريل الفائت.
تقول العلي إن طفلها البالغ من العمر ست سنوات، تم اختطافه لعدة ساعات قبل أن يتم إلقاء القبض على الفاعل، مضيفة أنها تركت طفلها يلعب في الشارع بانتظار عودة والده وذلك على بعد أمتار قليلة من منزلها، حيث تم اختطافه في وضح النهار، أثناء قيامها ببعض الأعمال المنزلية.
وتضيف العلي، أنها خرجت من المنزل لتطمئن على طفلها قبل اختطافه بلحظات لتشاهد سيارة من نوع "سنتافي" يقودها شاب ومعه امرأة، حيث توقفت السيارة وقامت المرأة باختطاف الطفل بسرعة، حيث قامت هي بالصراخ واجتمع سكان الحي وقاموا بإبلاغ الحواجز الأمنية التي أوقفت السيارة في بلدة "ملس" شمال غربي إدلب بعد نحو ساعتين من اختطافه.
وتشير العلي أن الخاطفين برروا فعلتهم بأنهم ظنوا أن الطفل وحيد ومشرد وأرادوا مساعدته، وتم تحويلهم إلى المحكمة فوراً، مضيفة أن طفلها عاد إليها بسلام إلا أنها عاشت لحظات من الرعب الحقيقي، وشعرت بالندم على تركه خارج المنزل، ودعت جميع أهالي الشمال السوري لأخذ الحيطة والحذر على أطفالهم من هذه العصابات.
قطاع الطرق
بدورها تحدث سعد الخالد ( وهو اسم مستعار لنازح من ريف حماة الشمالي ويقيم في بلدة أرمناز في ريف إدلب الغربي) عن قصة ملاحقته ليلاً برفقة صديقه من قبل بعض قطاع الطرق.
يقول الخالد أنه بتاريخ 20 آذار/ مارس من عام 2020، وأثناء دخوله برفقة أحد الأصدقاء إلى بلدة أرمناز ليلاً وهم يستقلون دراجة نارية، تفاجأ بوجود ثلاثة أشخاص يقفون على جانب الطريق ويراقبونهما عن بعد.
ويضيف الخالد أن الأشخاص الثلاثة بدأوا يسرعون باتجاههما عبر دراجتهم النارية، وكردة فعل منه أسرع ليتمكن من الهروب منهم، لافتاً إلى أن هؤلاء الأشخاص استمروا بملاحقتها حتى اضطرا لتغير مسار طريقهما والسير في طرق فرعية، حيث توجه برفقة صديقه فوراً لمخفر الشرطة في البلدة، وأبلغ عن القصة.
ويشير الخالد، أن الشرطة انتشرت للبحث عنهم دون جدوى حيث لم يجدوا لهم أثراً، لافتاً إلى أنهم كانوا مسلحين ويهدفون من وراء ذلك لقطع الطريق الرئيسي المؤدي للبلدة، بغية الخطف والسلب.
ويصف الخالد شعوره بالخوف الشديد، وخاصة أن المنطقة كانت بعيدة نسبياً عن منازل المدنيين، وحدثت في ساعة متأخرة من الليل، حيث تخف حركة السيارات، فضلاً عن الظلام الدامس بسبب عدم وجود إضاءة للطرقات، الأمر الذي دفعه لعدم الخروج مرة أخرى في ساعة متأخرة من الليل بعد الحادثة.
عصابات "تشليح"
كما تحدث مصطفى سليمان ( وهو اسم مستعار لأحد سكان قرية الشيخ يوسف 17 كم غرب إدلب) عن تعرضه للضرب والاحتجاز من قبل عصابة "تشليح" في بداية شهر كانون الثاني/ يناير 2021.
يقول سليمان إنه يعمل سائق ميكرو باص على خط جسر الشغور-إدلب، وأنه تلقى اتصالاً هاتفياً من شخص مجهول يخبره بأنه يحتاج للذهاب إلى إدلب لحاجة ضرورية، بينما كان جالساً مع أسرته حوالي الساعة التاسعة مساءً.
ويضيف سليمان، أنه أخبر المتصل بتكلفة التوصيل واتفق معه على مكان قريب من القرية للالتقاء به، ولكن تفاجأ بعد وصوله للمكان بوجود شخصين مسلحين ينتظرونه، حيث تم إيقافه في مكان بعيد وغير مأهول بالسكان، وقاموا بسرقة الميكرو باص الخاص به، إضافة لمبلغ 200 دولار، وهاتفه الشخصي، وتعرض للضرب الشديد ثم تركوه على قارعة الطريق.
ويوضح سليمان أنه وبعد أكثر من ساعة استطاع الوصول لأحد منازل المدنيين، وتم إسعافه للمشفى، وقام بتقديم شكوى لجهاز الشرطة في القرية، لكن لم يتم إلقاء القبض على العصابة التي اعتدت عليه حتى الآن.
التعليقات