فادي الأسمر-إدلب/ ايزدينا
أعلنت وسائل إعلامية بينها مواقع تابعة للفصائل الموالية لقوات الاحتلال التركي في الثالث من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، عن تمكن جهاز ما يسمى "الشرطة العسكرية" في ريف حلب الشمالي من ضبط معمل لتصنيع المخدرات وإلقاء القبض على عدد من المسؤولين وتحويلهم للقضاء.
وبحسب ما أفادت مصادر خاصة لموقع ايزدينا، فإن مداهمة معمل المخدرات، جاءت بعد نحو ساعتين من اشتباك مسلح بين عناصر "الشرطة العسكرية" والمسؤولين عن المعمل، حيث تم إلقاء القبض على أربعة أشخاص كانوا يعملون في تصنيع المخدرات.
الحادثة فتحت الباب من جديد على قضية "تجارة المخدرات وترويجها" ضمن المناطق التي تسيطر عليها الفصائل الموالية لقوات الاحتلال التركي في ريف حلب الشمالي، وعلاقة العديد من القيادات والشخصيات المتنفذة والبارزة فيما يعرف بـ "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا بهذه التجارة.
وكشف مصدر خاص لموقع ايزدينا، بأن المعمل الذي تم ضبطه تعود ملكيته لشخصين هما "طارق زعزع" و" بلال زعزع" ويقيمان في مدينة مرسين التركية، وهما أقرباء لشخص يدعى عبدو عثمان والذي يعد من القياديين البارزين في فصيل "فيلق الشام" أحد أهم تشكيلات "الجيش الوطني السوري".
قيادات الفصائل متورطة بتجارة المخدرات
وأضاف المصدر الخاص أن العديد من الشخصيات والقيادات التابعين للفصائل الموالية لقوات الاحتلال التركي متورطين بتجارة وترويج المخدرات في الشمال السوري، من بينهم المدعو أبو أحمد نور وهو أحد الشرعيين في "الجيش الوطني السوري" ويملك معمل لتصنيع "الكبتيكول" المخدر قرب معبر "باب السلامة"، ويشرف على هذا المعمل بشكل مباشر مدير أمن المعبر المدعو علي سجو.
وأشار المصدر الخاص، أن فصيل "الجبهة الشامية" الذي يعد واحداً من أبرز فصائل "الجيش الوطني" يمتلك لوحده ستة معامل سرية لتصنيع المخدرات، وهي تتوزع على عدة مناطق حيث يقع أربعة منها في مدينة إعزاز المحتلة ومعمل واحد في مدينة عفرين المحتلة ومعمل آخر في مدينة جرابلس المحتلة.
ويشترك في تجارة المخدرات أيضاً المدعو فهيم عيسى وهو قائد فصيل "فرقة السلطان مراد"، إضافة لقيادي آخر من ذات الفصيل يدعى "جاسم سمارة" بحسب المصدر ذاته.
وقال محمد الشيخ (وهو اسم مستعار لناشط إعلامي في مدينة جرابلس المحتلة) إن من بين المتورطين أيضاً في "تجارة المخدرات" وترويجها في مناطق سيطرة الفصائل الموالية لقوات الاحتلال التركي في ريف حلب الشمالي المدعو فاخر جبر في مدينة جرابلس المحتلة، وهو قيادي بارز في فصيل "أحرار الشرقية".
وأضاف الشيخ أنه وبحسب بعض سكان المنطقة فإن المدعو جبر عمل قبل بداية الأحداث في سوريا بكتابة التقارير الأمنية للنظام السوري وتسبب باعتقال الكثير من المدنيين، ثم انضم لصفوف تنظيم "داعش" ثم أصبح قيادي في "الجيش الوطني السوري".
أدوية أصبحت تصنف كمخدرات
وتنتشر عدة أنواع من المواد المخدرة في مناطق سيطرة الفصائل الموالية لقوات الاحتلال التركي، منها ما يعرف محلياً بحبوب "الهلوسة" وهي تنتشر بكثرة بين صفوف مسلحي الفصائل ويتعاطاها نسبة كبيرة منهم، إضافة لنوع من الأدوية وهو "الترامادول" الذي يستخدم عادة لتسكين الآلام الحادة الناجمة عن الإصابات ويعد هذا الدواء من الأدوية القابلة للإدمان بسبب منحها شعور بالراحة والنشوة.
كما تنتشر أنواع مخدرات أخرى مثل "الحشيش" في جميع مناطق الشمال السوري سواء في ريف حلب الشمالي أو مناطق إدلب وريفها.
وأفاد خالد الأيمن ( وهو اسم مستعار لطبيب مسؤول عن مركز لمعالجة الإدمان في ريف إدلب الشمالي) لموقع ايزدينا، أن المركز يعد الأول من نوعه في الشمال السوري، ويستقبل شهرياً عشرات حالات الإدمان بدءاً من المخدرات إلى الألعاب الإلكترونية، ويقصده الكثير من مناطق ريف حلب الشمالي للعلاج من حالات الإدمان على "الترامادول" الذي يباع بشكل سري في صيدليات مخالفة وغير مرخصة.
وأضاف الأيمن، أن دواء "الترامادول" يستخدم لعلاج الإصابات الحربية الصعبة وتخفيف الآلام، أصبحت مادة تصنف على أنها مخدرات في الشمال السوري بسبب إدمان فئة كبيرة من الشباب عليها دون وجود رقابة على منتحلي صفة الطب والذين يسهلون بيعها للجميع وبأسعار مرتفعة لكسب المال فقط.
وأشار الأيمن، إلى أن معظم الحالات التي تصل للمركز هم مسلحون يتبعون لفصائل مختلفة غالبيتهم من فصائل "الجيش الوطني" إضافة لأعداد كبيرة أيضاً من المدنيين من مناطق ريف حلب الشمالي وإدلب وريفها.
مصادر المخدرات وأصنافها
وعن مصادر المخدرات في مناطق سيطرة الفصائل الموالية لقوات الاحتلال التركي ومدى انتشارها، أفاد علاء القاسم وهو صحفي وحقوقي يقيم في تركيا، لموقع ايزدينا، أن المادة المخدرة الأساسية المنتشرة بكثرة في الشمال السوري هي "الحشيش" والتي تزرع بعدة أماكن في مناطق سيطرة الفصائل العسكرية وخصوصاً بمنطقة عفرين المحتلة وريف إدلب الغربي الواقع تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام" ( جبهة النصرة سابقاً).
وأضاف القاسم أن باقي أنواع المخدرات تأتي من مناطق مختلفة عبر طرق التهريب مثل تركيا ومناطق سيطرة النظام السوري، ويشرف على تهريبها ضباط وقياديين ضمن فصائل "الجيش الوطني"، مشيراً إلى أن أبرز تلك الفصائل هي "الجبهة الشامية" التي يطلق عليها محلياً اسم "جبهة المخدرات والحشيش".
وذكر القاسم، أن ما ساهم في ترويج المخدرات هو تعاون قيادات الفصائل بالدرجة الأولى مع تجار المخدرات لتقاسم الأرباح والاستفادة من هذه التجارة غير الشرعية، إضافة إلى حالة الفلتان الأمني والفوضى وانتشار الصيدليات غير المرخصة قانونياً والتي ساهمت بوصول كميات كبيرة من الأدوية الشبيهة بالمخدرات.
يذكر أن جمارك ميناء اسكندرون التركي، ضبطت شاحنة محملة بحجر بناء، قادمة من مناطق سيطرة فصائل "الجيش الوطني" في ريف حلب الشمالي وبداخلها كمية من المخدرات بتاريخ 16 أيار/ مايو الفائت، وبلغت الكمية نحو 6 مليون و264 ألف حبة "كبتاغون" وقدرت قيمتها بنحو 313 مليون ليرة تركي بحسب وسائل إعلام تركية.
وكان فريق الرصد التابع لمؤسسة ايزدينا في مدينة عفرين المحتلة حصل على معلومات حصرية تتعلق بمعمل المخدرات الذي تم ضبطه في ريف مدينة عفرين المحتلة.
الجدير بالذكر أنه مع دخول مسلحي المعارضة السورية المسلحة الموالية لقوات الاحتلال التركي إلى مدينة عفرين، نشطت عمليات بيع المخدرات والحبوب إضافة إلى مادة الحشيش التي أصبحت تباع بشكل شبه علني تحت أعين مسلحي المعارضة السورية المسلحة وقوات الاحتلال التركي.
التعليقات