فادي الأسمر- إدلب/ ايزدينا
يلجأ المدنيون الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام السوري، إلى المخاطرة بحياتهم والدخول إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية وهيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقاً" من أجل المرور إلى تركيا ومنها إلى الدول الأوربية، في ظل تدني مستوى المعيشة وتردي الأوضاع الاقتصادية وانخفاض قيمة الليرة السورية بشكل كبير.
ويقع أغلب المدنيين ضحية استغلال المهربين وجشعهم فضلاً عن الإتاوات التي تفرضها فصائل المعارضة السورية المسلحة عليهم للسماح لهم بدخول مناطقها.
وقالت مصادر خاصة لموقع ايزدينا، إن عمليات تهريب البشر زادت وتيرتها منذ مطلع العام الفائت، بعد تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير ضمن مناطق سيطرة النظام، وتأثر تلك المناطق بنتائج قانون "قيصر" الذي تسبب بانهيار قيمة الليرة السورية إلى حد كبير.
وتجري عمليات تهريب البشر من قبل شبكات للمهربين تعمل ضمن مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) في إدلب وريفها، وضمن مناطق سيطرة فصائل المعارضة الموالية لقوات الاحتلال التركي في ريف حلب الشمالي، حيث يتم تهريب أشخاص وعائلات وعسكريين والذين يفضلون في الأغلب استكمال طريقهم إلى تركيا أو إلى إحدى الدول الأوروبية.
طرق التهريب
يقول حسام العلي ( وهو اسم مستعار لأحد المدنيين القريبين من مناطق تهريب البشر في ريف إدلب) لموقع ايزدينا، إن الطريقة المتبعة بتهريب المدنيين الراغبين بالخروج من مناطق سيطرة النظام تتم أولاً بالتنسيق مع أحد الأشخاص الذين يتمتعون بنفوذ لدى قوات النظام السوري كي يستطيع التعامل معهم على الحواجز الأمنية، ويقوم بتمرير المدنيين على تلك الحواجز بعد أن يدفع الرشاوي له، ويوصل المدنيين الراغبين بالخروج إلى أحد المعابر الحدودية التي تربط مناطق سيطرة النظام مع مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري.
ويضيف العلي، أن دور المهرب يأتي باستقبال المدني أو العائلة التي خرجت من آخر معبر لدى مناطق سيطرة النظام السوري، وإيصاله إلى إحدى البلدات في الشمال السوري بعد أن يدفع إتاوات للفصائل المسلحة أيضاً.
تكلفة التهريب
وتتراوح تكلفة تهريب الشخص الواحد بين 1500 إلى 2000 دولار أمريكي، ويعمد من لديه قدرة مالية إلى الدخول لتركيا عبر طرق التهريب أيضاً ومنها إلى الدول الأوروبية.
ويشير العلي، أنه يتم تهريب ما يقارب خمسة إلى عشرة أشخاص من المعابر التي تربط مناطق سيطرة النظام السوري مع مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) في إدلب ومناطق سيطرة الفصائل الموالية لقوات الاحتلال التركي أسبوعياً.
وتفرض الفصائل المسلحة على شخص يدخل عبر التهريب إلى مناطقها مبلغ 150 دولار أمريكي وسطياً، فضلاً عن وجود شبكات وشخصيات تعمل في مجال التهريب وتكون لها علاقة مباشرة مع تلك الفصائل، حيث تكسب الفصائل الموالية لقوات الاحتلال التركي الكثير من الأموال شهرياً جراء عمليات تهريب البشر.
وتقول عدة مصادر إن نسبة كبيرة من المدنيين في مناطق سيطرة النظام السوري يرغبون بالنزوح واللجوء إلى الدول الأوربية لكنهم غير قادرين على دفع تكلفة التهريب.
سبب ارتفاع التكاليف
ويعود ارتفاع تكلفة تهريب الأشخاص إلى الرشاوي التي تدفع لحواجز قوات النظام السوري والإتاوات التي تدفع لإدارة المعابر التابعة لفصائل المعارضة السورية المسلحة.
بدوره يقول "أبو رعد" (وهو اسم مستعار لأحد المدنيين الذين خرجوا من مدينة حماة عبر التهريب إلى الشمال السوري) إنه خرج مع زوجته وأحد أبناءه إلى مدينة إعزاز عن طريق أحد المهربين بعد دفع مبلغ خمسة آلاف دولار أمريكي.
ويضيف "أبو رعد"، أنه اضطر لبيع منزل والده المتوفى ليتمكن من دفع تكلفة التهريب، مشيراً إلى أنهم واجهوا صعوبات كبيرة أثناء الهروب فضلاً عن الخوف من إلقاء القبض عليهم على أحد الحواجز.
ويشير "أبو رعد" أنه يقطن حالياً في منزل أحد أقرباء زوجته في مدينة إعزاز وينوي مغادرة المنطقة قريباً والسفر إلى تركيا ومنها إلى مصر حيث يعيش بعض أقربائه.
الوضع المعيشي للسكان
وعن الأوضاع المعيشية في مدينة حماة الواقعة تحت سيطرة النظام السوري يوضح "أبو رعد"، أن الوضع المعيش أصبح صعباً بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار، لافتاً إلى أن عائلة مؤلفة من خمسة أفراد تحتاج شهرياً لأكثر من 300 ألف ليرة سورية على أقل تقدير لتأمين احتياجاتهم، بينما راتب الموظف لا يتعدى 100 ألف ليرة سورية.
ويضيف "أبو رعد" أن أسعار جميع المواد الغذائية والتموينية والطبية مرتفعة، وأن الأمل بتحسن قريب في هذه الأسعار شبه مستحيل، في ظل عجز حكومة النظام السوري عن إيجاد حلول للواقع المعيشي.
ويذكر "أبو رعد" أن الكثير من العائلات في مدينة حماة وغيرها ممن يعرفهم بشكل شخصي، يرغبون بمغادرة المنطقة للتخلص من الوضع المعيشي المتردي، لكن الضائقة المادية هي التي تمنعهم من الخروج، في حين يضطر بعضهم لبيع ممتلكاته لتأمين تكلفة التهريب الباهظة.
الجدير بالذكر أن مناطق سيطرة النظام السوري تشهد انهياراً اقتصادياً كبيراً وارتفاعاً غير مسبوقاً في أسعار المواد الغذائية، في ظل انخفاض رواتب الموظفين وأجور العمال، وعدم وجود إجراءات حكومية جادة في تحسين الواقع المعيشي للمدنيين الذين يضطرون للخروج من تلك المنطقة رغم المخاطر والصعوبات التي قد يواجهونها.
التعليقات