الكاتب: إبراهيم سمو / ايزدينا
عفرين؛ ذات الكثافة الديمغرافية الكردية، والطبيعة الجبلية الخضراء، تتعرض إدارتها الذاتية/الكردية، للانتهاك والسطو التركيين المسلحين والممنهجين، بداعي مناهضة تبلور "كيان كردي" على الحدود، والإصرار على تبديد ما قد يهدد "الأمن القومي التركي"، إن بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو يقلقه في الحاضر أو المستقبل.
ويرى مراقبون، أن أعمال التجاوز هذه، تشكل خرقًا سافرًا لسيادة الدولة السورية، وتُوَصَّف كـ "جريمة إبادة جماعية"؛ خاصة أنها تقترن بنشاطات عسكرية عدوانية، وسلوكيات وحشية فظيعة، تبرهن بوضوح، على التخطيط التركي المسبَّق، في تنفيذ وإيقاع "التطهير العرقي"، بحق الأكراد؛ حيث "القتل العشوائي" المنظم، وبث الفزع والهلع بين السكان المدنيين على أشدهما، إثر استهداف حيواتهم وكرامتهم وصحتهم وأموالهم، وإرغام أصحاب الجغرافية الأصليين على التهجير، بغرض إحداث تغير ديموغرافي هائل، بالقهر العسكري العنيف، وعبر فرض حرب شعواء على عفرين، بدافع إخضاع سكانها من ذوي "الكثافة الكردية"، عمدًا لظروف معيشية، يراد بها تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا"، ويدلل على القصد الجرمي، والنية التركية "الخاصة"، في اقتراف "الجينوسايد":
1- شروع الجيش التركي، بـ"هجوم بري رئيسي" مكثف ومتواصل، مستخدمًا الأسلحة ذات القدرة التدميرية الهائلة؛ كالدبابات والمدفعية وسواها، من الآلات الحربية الثقيلة بصورة عشوائية ضد المدنيين والعزل والأبرياء، بالتوازي مع قصف جوي غير متقطع، غزير ومدمر للحياة والعمران والإنسان، منفذًا بذلك مجازر إبادية مروعة، بأسلحة رجح بعضهم أنها غير تقليدية، ودأبه عبر تكتيكي ،"الأرض المحروقة" و"الهجوم الخاطف"، على تدمير، أو أقلها، إضعاف الدفاعات والروح المعنوية، لدى القوات الكردية، وتحقيق أكبر قدر من الاستنزاف فيها، وصولًا إلى تطويق عفرين، وحصارها عسكريًا واقتصاديًا وإنسانيًا، وحتى احتلالها كليًا، دونما "تفويض رسمي"، أو أدنى إذن من الأمم المتحدة، أو مجلس الأمن.
2- "الانقضاض الجوي" على التجميع المائي، المدشن على "سد ميدانكي" الحيوي، بغية إغراق القرى والنواحي والقصبات، في عفرين ومن أو ما يعيش عليها ، من بشر وشجر وحجر وبنى تحتية، ومسارعة الآلة العسكرية التركية، إلى ضرب وإعدام هذا "السد المائي"، كونه يعد موردًا اقتصاديًا بالغ الأهمية، بقصد إحداث شروخ كبيرة، في قطاعات الزراعة، ومياه الشرب، والكهرباء، والسياحة التي ينعشها، أو يوفرها هذا السد.
ويبدو أن قرائن واقع الحال تبرهن، أن الإبادة تم التفكير بها، والتحضير لها ليس تركياً وحسب، بل في غرف استخبارية خلفية لدول عديدة، وبمباركة وتعزيز من كواليس غربية، وإلّا فما السبب في:
- استجابة روسيا إلى الطلب التركي، بسحب قواتها من عفرين، وتمكينها القوات التركية، من استخدام المجال الجوي، فضلًا عن البري، في سبيل "الوثوب"، بمخالب قاتلة على مقاطعة الإدارة الذاتية الكردية، وتظاهر روسيا، من ثم لعب دور الوسيط، عبر اقتراحها على قوات الحماية الشعبية، تسليم عفرين لـ "النظام"، لقاء وقف العدوان التركي.
- تخلي الولايات المتحدة الأمريكية، عن حليفتها؛ قوات الحماية الشعبية الكردية، الأكثر نجاعة في تطهير سورية من داعش، وتغاضيها عن الغزو التركي لـ"عفرين" الكردية السورية، كأنها صماء بكماء عمياء.
-امتناع النظام السوري عن واجب الرد، على العدوان العسكري على السيادة السورية، أو حتى الاعتراض عليه بصورة جادة، وسكوته عن أعمال الإبادة والإهلاك ، الناجمة عن تعدي الدولة التركية، على الشعب والأرض السوريين في عفرين.
- تعامي الأمم المتحدة عن الخرق التركي، لكل الشرع والمواثيق الإنسانية ومبادئ القانون الدولي، وسكوتها السلبي عن استهداف العسكرة التركية لعفرين، وتعريضها، من ثم، حياةَ الإنسان والعمران والمعالم التاريخية والحضارية، لخطر الإبادة والتغيير القسري.
لكن ورغم كل ما سيق، أو قد يساق من بيان سوداوي، يعزز شباك "نظرية المؤامرة"، ورغم كل واقع حنظل، تمخض به عفرين وقبلها شقيقتها كركوك، من تداعيات صادمة ونتائج مؤلمة، قد تستحضر إلى الأذهان، تجارب "مهاباد" و"مملكة كردستان" و"كردستان الحمراء"، التي أجهضت فيما مضى عن عمد، وتعكس، من ثم ،"خيبة ظنون" كردية قديمة/ جديدة، بـ"الحليف الغربي" منذ "مؤتمر لوزان" و"اتفاقية سايكس بيكو"؛ كانتكاسات صارخة في جسد العلاقة الكردية وحلفائها، ورغم كل المعطيات الموضوعية؛ أي الدولية والإقليمية غير المتفائلة، فإن الطرف الكردي في المعادلة السورية، مازال يؤكد، أن الزمن الحاضر ليس كالزمن السابق، وأن الكرد أضحوا يدركون، كيف يتحصلون حقوقهم، مراهنين على العامل الذاتي، والسؤال هنا....هل العامل الذاتي وحده، كاف لتحصيل الحقوق وإثبات الوجود؟
عند عفرين الخبر اليقين !
التعليقات